الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

ابو الولد


ابو الولد

ملت مطاردته كل ليلة.. تريد أن تنعم بحلم رومانسى بعيدا عن مشكلات النهار.. صاحت فى وجهه.
- ماذا دهاك يا أبا الولد..؟ ألم تمت..؟!! ألم يشغلك ما أنت فيه وتتركنا فى حالنا..؟!
أجابها فى يأس:
- من أين الراحة يا أم الولد ..؟ أريد أن أطمئن عى ابنى.
اشتدت عصبيتها:
- ابنك ..؟ أم كما أنت متعب فى حياتك ، متعب فى مماتك.. يعز عليك أن تريحنى منك ليلة واحدة.. ولو ليلة.
- لا والله يا أم الولد، أنا بالفعل مشغول على ابنى.
- ألم يمت أب ويترك طفلا..؟ منذ أن مت وأنت تلاحقنى فى أحلامى.. تسأل عن ابنك، وأطمئنك عليه.. ماذا تريد أن تطمئن عليه هذه المرة، وأحصل منك على وعد.
- وعد..! بماذا..؟
- أن تريحنى منك للأبد..
- للأبد..! مستحيل.. مستقبل ابنى يشغلنى، تمنيت أن أربيه على عينى.. أوصيك به خيرا يا أم الولد.
- أطمئن.. إنه ابنى.
- الحياة صعبة عندكم.. نضطر فيها لكثير من التجاوزات ثم نتعذب هنا بسبب ما اضطررنا له فى الدنيا.
لان صوتها:
وماذا فى وسعنا يا أبا الولد..! فلا تكن أنت والدنيا علينا.. ألا يكفى أنك مت وتركتنى أقاسى الوحدة ، وأتحمل مسئولية ابنك صغيرا وحدى.
بمرارة المضطر:
أريده أن ينعم بطفولة هادئة.
اطمئن .. اشتريت له كل لعب الأطفال رغم غلاء ثمنها، ولكنه لا يلعب بها.. ويحطمها.
لماذا..؟
-   تشده برامج التليفزيون أكثر.
- لا بأس التليفزيون وسيلة ترفيه وتثقيف.
لا تروق له برامج الترفيه والتثقيف يا عزيزى.
وماذا يعجبه إذا .. فمن ميوله تستطيعين التعرف على شخصيته.
يميل إلي المصارعة الحرة وأفلام الهند الدموية.. وأساطير هيركليز.. هذا ما يأخذ لبه أكثر.
-   إذن اشغليه بأصدقاء فى مثل عمره.
حاولت لكننى لا أعرف عمره.
صائحا:
- كيف يا أم الولد..! أليست عندك شهادة ميلاده..!
- لم تعد السن تعرف بشهادة الميلاد.. اللغة والتصرفات أكبر من سنه الفعلى.. الفهم والاستعاب أقل بكثير من السن المدونة في شهادة الميلاد.. وأنا فى حيرة من أمرى.
- وأصدقاؤه..؟  ماذا عن اصدقائه يا أم الولد..؟
- على شاكلته.. يصعب جدا التفريق بينهم.. كل شىء هنا أصبح متشابها.. فى العبارة، فى الملبس، فى الحركة، فى الصوت واللحن، حتى فى رسم الصورة.. كله.. كله لا فرق.
- لا تحزنى يا أم الولد هذه فورة الشباب.. حافظى له على المبادىء التى تربينا عليها .. فالولد من منبت طيب.. ويستجيب للخير.
- لم أنس هذا مطلقا.. لقنته: ( حب لأخيك ما تحبه لنفسك)
- بالتأكيد استجاب.. أليس كذلك.
- على العكس.. نظر إلى باستخفاف وقال:
( إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)
- أيضا لا تقلقي.. اهتمى بالغذاء.. فالعقل السليم فى الجسم السليم كما تعلمين.
- اشتريت كتابا خصيصا فى أصول التغذية كى أنتقى له المفيد.. لكننى فشلت عند التنفيذ.
- وما السبب يا عزيزتى..؟
- اصطدمت بعتبة التحذيرات.. الطيور محقونة بهرمون يعطل الرجولة.. والخضراوات والفاكهة المصنوعة فى أحضان الصوبة تعطل الأنوثة، والطيور موبوءة، والأبقار مجنونة، والأسعار أجارك الله.
صرخ بجنون:
-   ولد واحد ولا تقدرين على تربيته..؟ ربتنا أمنا عشرة ولم تشتك.
صرخت أكثر:
أتقارن زمنى بزمن أمك..! ألم أقل أنك تأتى لتستفزنى لا لطمئن على ابنك..!
ازداد صراخه وحدته:
-  كفى عن الشكوى يا امرأة.. لو كان الأمر بيدى لقدمت طلب استعجال باستدعاء الولد إلي هنا
.............................. 
المسا/21نوفمبر1998

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق