الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

لا تنْسِني: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


لا تنْسِني

السيارة تشهق الطريق بعنف.. تهضمه بين إطاراتها.. تزفره من الخلف بقوة.. تحيله إلى ماض.. على الجانبين تدور أشجار التين والزيتون.. تكابر قليلا قبل أن تتلاشى في الأفق.
أغمض عيني.. أراك تغرس وردتك الجميلة.. هذه الفراشة بألوانها الحنون.. بجوار ما غرست قبل من زهور.. بها ازدانت حديقتي فاقت حدائق بابل المعلقة.
- لا تنْسِني.
انتشت واحتي كلها احتفاء بزهرتك الزاهية.. جملتك الناعمة.
- كيف أنساك.؟!
بنعومة مشرط طبيب ماهر.. في قلبٍ خدره الحب غرست زهرتك.. زهرة البانسيه.. لا تنسني.
الوداع مؤقت.. يحدث قشعريرة ناعمة.. غلالة حياء لفت وجهينا.. خدر لذيذ ناغش جسدي، وأنت تضغط يدي.. بهما قسمي.. زهرتك في قلبي.. أغذيها دمي.. أبثها أنفاسي صباح مساء.. تبقى ناضرة.. لا تتهدل أبدا مهما تمدد الزمن.
- أهلا بكم.. إجازة سعيدة في شط الغرام.
تيقظت عيناي.
من تسلط الشمس الحارقة على كتل السحاب المنتفخ.. تتفجر الصحراء بطعم العسل.. دلني العصفور المنتشي فوق شجرة التين.
- انْظُر.. كم هو جميل.!.. لايصبر على وقوف.. رائع أن يتخفف الجسد من وزنه.. يحمله الهواء أو الماء.. جسدي يتأرجح فوق الماء.. يداك أرجوحتي.. أنام على سطحه طويلا.. الشمس أكثر زهوا.. أراها بعينيك.. التقت شمسان.
أبني لنا بيتا على الرمال.. له حديقة حلوة.. أراك مجددا تنثر بذورها.. بذرة.. بذرة.. ترويها بالكلمة الساحرة.. القطرة المجنحة من السيل المنهمر.. تتفجر طاقاتها الكامنة، ورودا منغمة الألوان.. سوارها من زهور البانسيه.. لا يحيا الندى إلا بملامسة خدها المخملي.
أسترخي في غلالة ضوء القمر.. قصة هواك يحفظها جيدا.. يكمل بها نقصه يوما بعد يوم.. الآن هو كامل الاستدارة.. أفسح لك مكانا بجواري.. نصغي إليه معا.. يعيد حكايانا.. نسحب منه خيوطها.. رويد.. رويدا.. يتناقص.. يتلاشى.. لكنه لا يطيق فراقا.. يعود من جديد.. يضم زهورنا الجديدة.. يذكِّرُني أذكِّرَه.. فلا ننسى ولا نقوى ولا نريد.
تراك غرست في قلبه هو الآخر زهرة البانسيه.
****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق