{وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ
الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(64)
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ
الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ (66)
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ
النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ
يَكْفُرُونَ (67)
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ
بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ
اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ(69)}
سبب نزول
الآية (67):
أخرج
جويبر عن ابن عباس أنهم قالوا: يا محمد، ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن
يتخطفنا الناس لقتلنا، والأعراب أكثر منا، فمتى ما يبلغهم أنا قد دخلنا في دينك
اختطفنا، فكنا أكلة رأس، فأنزل الله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا
آمِنًا}.
وما
الحياة في هذه الدنيا إلا غرور ينقضي سريعاً ويزول، كما يلعب الصبيان ساعة ثم
يتفرقون.. وإن الآخرة لهي دار الحياة الحقيقية التي لا موت فيها ولا تنغيص.. ولو
كان عندهم علم لم يُؤْثروا دار الفناء على دار البقاء، لأن الدنيا حقيرة لا تزن
عند الله جناح بعوضة، ولقد أحسن من قال:
تأملْ في الوجـود بعين فـكر
ترى الدنـيا الــدنيَّة كالخيال
ومَنْ فيها جميعاً سوف يفنى
ويبقى وجهُ ربك ذو الجلال
{فَإِذَا
رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}
إقامة حجة ثالثة على المشركين في دعائهم الله
عند الشدائد، ثم يشركون به في حال الرخاء والمعنى إذا ركبوا في السفن وخافوا الغرق
دعوا الله مخلصين له الدعاء، لعلمهم أنه لا يكشف الشدائد عنهم إلاّ هو.
وفي لفظ
{مُخْلِصِينَ} ضربٌ من التهكم .
{فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}
أي فلما
خلَّصهم من أهوال البحر، ونجاهم إلى جانب البر إذا هم يعودون إلى كفرهم وإشراكهم،
ناسين ربهم الذي أنقذهم من الشدائد والأهوال.
{لِيَكْفُرُوا بِمَا
آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}
أمرٌ على وجه التهديد أي فليكفروا بما أعطيناهم
من نعمة الإِنجاء من البحر، وليتمتعوا في هذه الحياة الدنيا بباقي أعمارهم، فسوف
يعلمون عاقبة أمرهم.
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا
جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}
قال
الضحاك: {ويتخطف الناس من حولهم} أي يقتل بعضُهم بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق