جواد التخمين
:
الكلمة في الأذن..
جرس صديء.. لا يكف ولا يُطرِب.. كتب على
الجبين الموت به.. يظل يدق.. ويدق حتى تتفتت الأعضاء؛ كل الأعضاء: المتينة والهشة
و.. تتفرق شظايا لا يعرف لها سببا.. ركبتْ جواد التخمين.. رمح بها.. حط عند أيام الانتظار
الطويلة.. قال:
(هاهنا عند هذا السفح
مكان اللقاء.. قبل أن تبتلع قدماك ظلهما)
يطول الانتظار.. لا
تغادر أبدا.. ترقب الظل.. يزحف نحو القدمين.. يختفي تحتهما.. ينفلت من الجهة
الأخرى.. لا تحول عنه البصر.. وهو يطول.. ويطول.. ويتلاشى.. تتعاقب الشموس، ويأتي
في موعده من نهار.. أي نهار كما يريد.. لا هو بالفارس ولا بالسندباد.. يلقى بحبات
العنب الفجة.. يقشعر البدن.. وهو يضفر بين عناصر دمه هذا الدخيل الحمضي.. وتسأل
على استحياء:
- هناك يتكلمون عن
عنب آخر حابل بالعسل.؟
يشيح بوجهه نا حية
الكرم.. تتشبث قدماها بظلهما.. يغيب في الأفق.. يئن الجسد.. يطلب عنصره الحمضي..
يعود في موعده من نهار.. يلقي بالحبات الفجة و.. يشيح ناحية الكرم.
في البستان كله لم
تجد سوى ذات الحصرم.. عافته وهو في متناول اليد، وبرأت الثعلب من تهمته الأزلية..
عدم قدرته في الوصول إلى العنب.
قال الذي مر من
أمام الكرم وقت الامتعاض:
- ما حكاية الحصرم.؟
وانسل لافعا
عناقيده المنتفخة بحكايا شهرذاد.. جلست ترص حباته، وتبثها أشجانها حتى مطلع
الفجر.. واختتمت قصة الألف نهار ونهار.
ظنت بأنها تخففت
و.. يمكنها النوم بعد صياح الديك.. ولكن الحلم لم يصفُ.. انطلقت الكلمة كالجرس
الصديء تفزز البدن.. فلم يعرف مرقده من يومها.
يصهل جواد التخمين
ويحط حافره في جيد حامل العناقيد.
تسرع إليه.. تلقبه
بالوصفات أخسها.. تغزه بالحكمة والأمثال.
تأخذه الدهشة:
- كيف تظنين بي
الظنون هاهى ذي حياتك لم تنقص، ولم تمس..
تتحسسها واحدة.. واحدة.
صدق حامل
العناقيد.. تلملم زمام جوادها الجامح فوق المعقول.. تعود وتمتطيه.. تدور به في
قلق.. لا تعرف من أين تبدأ الرحلة.. فهى لا تعرف من أين انطلق السهم.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق