السبت، 24 نوفمبر 2012

رائع.. لولا: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


رائع.. لولا
:
مسح حبات العرق النابتة فوق جبهته.. يرخي يديه على حافتي الماكيت.. يتمدد على المقعد.. يمتص نفسا طويلا طول أيام العمل والتعديل:
البناء في سمته النموذجي.
صفير القطار غرق في أذنيه.. عاد بالذكريات..انتهى من عمل هذا الماكيت لأول مرة منذ سنوات.. مشروع التخرج.. حمل أوراقا تشهد له بالامتياز.. انتظار العمل ممل.. لماذا لا نحيل الماكيت إلى واقع.. مدينة كاملة بدلا من القديمة المتهرئة.
بدأ بنفسه.. عكف على الماكيت.. يضيف ويحذف.. يعلي ويقصر.
ها هو ذا الماكيت الجديد بعد التعديل في صالة العرض.. ينتظر التنفيذ ونظرات الشيوخ.. العيون تتلألأ:
- رائع.. لولا.
- التنفيذ ممكن.!!
- يحتاج بعض التعديل.
المهندس يشمخ برأسه.. صدره يتمدد.. حلقة العيون تعانق بناءه.
 - رائع.. لولا.
أحصى مخه.. (مائة لولا، وخمسون رائع)
- لولا الخضرة كثيرة.
- رئتا المدينة.!
- لولا أكثر من بوابة بالماكيت.!
- نظرية أقصر الطرق.!
- لولا يتجه ناحية البحر.!
- تسهل المراقبة.!
- مراقبة من.؟
- الطامعون في المدينة الكاملة.!
- موقع عسكري إذن.؟
- وكيف يكون كاملا.!
- الفناء ضيق.. كيف نستقبل الوفود.؟
- أية وفود.؟
- المهنئون بالمدينة الكاملة.. الراغبون في الاستمتاع بجمالها.
- إذن.؟!
- نستبدل بعض العمارات بالفنادق.
- ثم...؟
- الاكثار من دور الملاهي.. في وجه القمر.
- أعتب عليك يا قمر.. تضيء للسهرانين واللاهين.. وتغفل عن الكادحين.
رد القمر:
- اللاهون يستمتعون بنوري.. يوجهون إليَّ عيونا لامعة ممتنة.. الكادحون يغلقون عيونهم في مواجهتي.
- مزيد من الملاهي.. مادام هذا رأيك يا قمر.!
-.........................................
- ثم..؟
- نعطي ظهورنا للمنافذ.
- لماذا.؟
- فلا يظنون بأننا نترصدهم.
- لا بأس.! ندير ظهورنا.
- لن يختل البناء.
- لن يختل.
- والمالك.. أين مكانه.؟
- في أي دور يختار.!
- دوره لابد أن يكون متميزا.
- متميزا.. لماذا.؟!
- إنه المالك.!
- ليكن .. نميز له دورا وسط البناء.
- بل أعلى البناء.
- وكيف يرى.؟
- لديه مجموعة من النظارات المكبرة.
- ليكن هو الأعلى.
- ينقص المدينة.. الدروب الملتوية.
- ملتوية.؟!!
- لأوقات التخفي.
- وأين يكون مكانها.؟!
- فوق المساحات الخضراء الفارغة.
- رئتا المدينة.!!!!
- رئة واحدة تكفي.
- ..................................
- من يسكن المدينة.؟
- الناس.
- لا يحسنون التعامل معها.. تنقصهم الخبرات.
- يتعلمون.
- بعد خراب الأشياء.
- إذن.؟!
- يتعلم الناس قبل البدء في البناء.
- وأين يتعلمون.؟
- نجهز بعض الوحدات.
من يعلمهم.
- خبراء.
- وشروطهم المجحفة.؟!
- نقبلها مؤقتا.
- لا مانع.. نجهز بعض والوحدات:
المدينة الآن جاهزة .
قبل أن يمتص نفسا آخر.. ويتمدد صدره.. وقعت عيناه على البناء.. صرخ.. أغمى عليه.. أعادوه إلى وعيه.. تمتم:
- ليس هو.. لا يشبه الماكيت.. هذا يشبه المدينة القديمة.
****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق