{وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءاياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ
إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ(50)
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى
عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(51)
قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا ِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ
أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(52)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى
لَجَاءَهُمْ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(53)
يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ
بِالْكَافِرِينَ(54)
يَوْمَ يَغْشَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(55)}
سبب
نزول الآية (51):
أخرج ابن
جرير وابن أبي حاتم والدارمي في مسنده وأبو داود عن يحيى بن جَعْدة قال: جاء ناس
من المسلمين بكتب كتبوها، فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال النبي (صلى الله عليه
وسلم): "كفى بقوم حُمْقاً أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما
جاء به غيره إلى غيرهم"، فنزلت:
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى
عَلَيْهِمْ}.
وأخرج البخاري: عند تفسير الآية قوله (صلى
الله عليه وسلم): "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن
"أي يستغني به عن غيره.. وليس كما كنا
نفهم أي يغنيه أو يجوده
وأخرج
عبد الرزاق: عن عبد الله بن الحارث الأنصاري قال:
دخل عمر
بن الخطاب على النبي (صلى الله عليه وسلم) بكتاب فيه مواضع من التوراة.
فقال: هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها
عليك، فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تغيراً شديداً لم أر مثله قط،
فقال عبد الله بن الحارث لعمر:
أما ترى وجه رسول الله ؟
فقال
عمر: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيّاً.
فسُرِّي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وقال:
"لو
نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم، أنا حظكم من النبيين، وأنتم حظي من
الأمم"..
{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى
عَلَيْهِمْ}؟
الاستفهام
للتوبيخ أي أولم يكف المشركين من الآيات هذا الكتاب المعجز الذي لا يزال يقرع
أسماعهم؟ وكيف يطلبون آيةً والقرآن أعظم الآيات وأوضحها دلالة على صحة نبوتك؟
قال ابن
كثير: بيَّن تعالى كثرة جهلهم، وسخافة عقلهم، حيث طلبوا آياتٍ تدل على صدق محمد
(صلى الله عليه وسلم)، وقد جاءهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه، الذي هو أعظم من كل معجزة، إذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته، بل
عن معارضة سورة منه، أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم وأنت رجلٌ أميٌ
لا تقرأ ولا تكتب، وجئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى؟ ولهذا قال بعده.. إن في
إنزال هذا القرآن لنعمةً عظيمة على العباد بإنقاذهم من الضلالة، وتذكرة بليغة لقوم
غرضهم الإِيمان لا التعنت.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق