موقف اليهود من الرسل والكتب المنزلة
ولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ(87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ(88)وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(89)
قال ابن عباس: كانت يهود خيبر تقاتل غَطَفان، فكلما التقوا هُزِمت يهود خيبر، فعاذت اليهود بهذا الدعاء:
"اللهم إنا نسألك بحق محمد
النبيّ الأميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر
الزمان، إلا نصرتنا عليهم"
فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان. فلما بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم
كفروا به، فأنزل الله تعالى:
(وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا)
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله (صلى) قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب، كفروا به، وجحدوا ما كانوا
يقولون فيه، فقيل لهم :
يا معشر اليهود: اتقوا الله وأَسلِموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد،
ونحن أهل شرك، وتخبروننا بأنه مبعوث، وتصفونه
بصفته.
فقال أحد بني النَّضِير:
ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو
بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله:
(وَلَمَّا
جَاءهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)
وقال السُّدِّي: كانت العرب تمر بيهود، فتلقى اليهود منهم أذى، وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة أنه يبعثه الله، فيقاتلون معه العرب، فلما جاءهم محمد (صلى) كفروا به حسداً، وقالوا:
إنما كانت الرسل من بني إسرائيل،
فما بال هذا من بني إسماعيل.
كانت الرسل والأنبياء تأتي
اليهود واحداً بعد الآخر على فترات قريبة وربما
اجتمع أكثر من نبي في فترة واحدة ليذكروهم وينهوهم عن غيِّهم وانحرافاتهم وما أحدثوه من فساد بعد موسى عليه السلام.
وقد اعتبر اليهودُ كثرة الرسل
والأنبياء فيهم ميزة ومفخرة لهم على سائر الأمم،
ولكنهم قوم مغرورون لأن كثرة الأنبياء والرسل
دلالة على كثرة الفساد الذي انتشر فيهم.
فائدة: كفر اليهود وعنادهم كان أحد أسباب نصرة رسول الله (صلى) لأن الأوس
والخزرج عندما بعث تذكروا تهديد اليهود
لهم به ونعوته فسارعوا للإيمان ومبايعته ونصرته.
الخلاصة:
-1 كثرة الرسل والأنبياء الذين
أرسلوا إلى بني إسرائيل يدل على مدى العناية الإلهية بهم، ولكنهم قوم أشربت قلوبهم باللؤم فقابلوا النعم الكثيرة بالعناء والاستكبار والتكذيب ثم
ختموا ذلك بأبشع جريمة عرفتها البشرية ألا
وهي قتل أنبياء الله وأصفيائه، فاستحقوا لأجل ذلك اللعنة
والطرد من رحمة الله والختم على القلوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق