السبت، 10 نوفمبر 2012

لا يفتى و مالك في المدينة.


لا يفتى و مالك في المدينة.

عرف الإمام مالك .. بعشقه للمدينة.. وقد عاش في المدينة المنورة طيلة حياته منذ ولد فيها نحو سنة 93هـ إلى أن ثوى تحت ثراها آخر الدهر. لم يبرحها قط إلا لحج أو عمرة.
# كان مالك يجد في المدينة ريح النبوة، ونفحات علوية من أنفاس الرسول حتى لكأنه يستنشق كل خفقة من أنسام مدينة الرسول جلال الأيام الباهرة الخالية: أيام النور والوحي والبطولات والفرقان.
# إنه لعاشق لمدينة رسول الله كما لم يعشق أحد مدينة من قبل ولا من بعد، يكاد يحمل لها من التعظيم ما يحمله للرسول (صلى الله عليه وسلم) نفسه ولصحابته.
# حكي الشافعي: إنه رأى على باب مالك هدايا من خيل خراسانية وبغال مصرية فقال الشافعي:
 «ما أحسن هذه الأفراس والبغال، فقال مالك:
 هي لك فخذها جميعا.
قال الشافعي: ألا تبقي لك منها دابة تركبها؟
قال مالك: إني لاستحي من الله تعالى أن أطأ تربة فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحافر دابة.
إلى هذا الحد من الحساسية المفرطة في الحب بلغ العشق في قلب مالك للمدينة التي تضم أطهر الأجساد. وأعظم خلق الله وأكرم الناس عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام.
# وفي الحقيقة أن الحياة في المدينة كانت تناسب طبيعة مالك.. فقد ظلت المدينة بعيدا عن مختلف التيارات الفكرية المضطربة في غيرها من مدائن المسلمين، أما المدينة فتنأى بنفسها عن صراع العقائد، والجدل الفلسفي، وكلام الباحثين فيما وراء الغيب، وكل ما أنتجته ترجمة الفلسفات اليونانية والهندية والفارسية..
# إنها حقا قرية مؤمنة ورب غفور.. ومالك بن أنس رجل يحب الدعة وينشد السكينة، ويعكف على الدرس المطمئن. وهو يكره الجدل واللجاجة والصخب والمناظرة، والكلام فيما لا ينفع الناس في حياة كل يوم.
كان مالك يعتقد أن الجدال في الدين مفسدة للدين.
وقال: إن الجدل يبعد المتجادلين عن حقيقة الدين.
إن المراء والجدل في الدين يذهبان بنور العلم من قلب المؤمن.
وسأله رجل له علم بالسنة ألا يجادل عنها؟
فقال مالك: يخبر بالسنة فإن قبل منه، وإلا سكت.

# وكان رأيه إنه الأولى بأهل العلم أن يشتغلوا بالحكمة.. والحكمة التي جاءت كثيرا في القرآن هي ـ في رأي مالك ـ في دين الله والعمل به.
***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق