السبت، 10 نوفمبر 2012

مناقشة أهل الكتاب بالحسنى



{وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(46)
و كَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الْكَافِرُونَ(47)
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48)
َبلْ هُوَ ءاياتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ(49)}.
 قال الإِمام الفخر: إن المشرك لما جاء بالمنكر الفظيع كان اللائق أن يُجادل بالأخشن، ويُبالغ في توهين شبهه وتهجين مذهبه، وأما أهل الكتاب فإنهم آمنوا بإنزال الكتب وإرسال الرسل إلا الاعتراف بالنبي (عليه السلام) فلمقابلة إحسانهم يُجادلون بالأحسن إلا الذي ظلموا منهم بإثبات الولد لله، والقول بثالث ثلاثة فإنهم يُجادلون بالأخشن من تهجين مقالتهم، وتبيين جهالتهم.
 {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}
قال أبو هريرة: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإِسلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم"
وقولوا آمنا بالذي أُنزل إلينا وأُنزل إليكم. وربنا وربكم واحد لا شريك له في الألوهية، ونحن له مطيعون، مستسلمون لحكمه وأمره.
وكما أنزلنا الكتاب على من قبلك يا محمد أنزلناه عليك.
فالذين أعطيناهم الكتاب كعبد الله بن سلام وأمثاله ممن أسلم من اليهود والنصارى يؤمنون بالقرآن، ومن أهل مكة من يؤمن بالقرآن كذلك.
 {وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الْكَافِرُونَ}.
قال قتادة: وإنما يكون الجحود بعد المعرفة.
قال ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمياً لا يقرأ شيئاً ولا يكتب.
ولو كنت تقرأ  أو تكتب إذاً لشك الكفار في القرآن، وقالوا لعله التقطه من كتب الأوائل ونسبه إلى الله، والآيةُ احتجاجٌ على أن القرآن من عند الله، لأن النبي أميٌ وجاءهم بهذا الكتاب المعجز، المتضمن لأخبار الأمم السابقة، والأمور الغيبية، وذلك أكبر برهان على صدقه (صلى الله عليه وسلم).
 قال ابن كثير: المعنى قد لبثت في قومك يا محمد - من قبل أن تأتي بهذا القرآن- عمراً لا تقرأ كتاباً، ولا تحسن الكتابة، بل كل أحد من قومك يعرف أنك أميٌ لا تقرأ ولا تكتب، وهكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دائماً إلى يوم الدين لا يخط حرفاً ولا سطراً بيده، بل كان له كتَّاب يكتبون له الوحي.
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}
 {بَلْ} للإِضراب أي ليس الأمر كما حسب الظالمون والمبطلون بل هو آياتٌ واضحاتُ الإِعجاز، ساطعات الدلالة على أنها من عند الله، محفوظة في صدور العلماء.
 قال المفسرون: من خصائص القرآن العظيم أنَّ الله حفظه من التبديل والتغيير بطريقين: الأول: الحفظُ في السطور.
 والثاني: الحفظُ في الصدور، بخلاف غيره من الكتب فإنها مسطّرة لديهم غير محفوظة في صدورهم ولهذا دخلها التحريف، وقد جاء في صفة هذه الأمة: "أناجيلُهم في صدورهم"
وقال الحسن: أُعطيت هذه الأمة الحفظ، وكان من قبلها لا يقرءون كتابهم إلا نظراً، فإذا أطبقوه لم يحفظ ما فيه إلا النبيّون.
وما يكذب بها إلا المتجاوزون الحد في الكفر والعناد.
 **** 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق