الجمعة، 9 نوفمبر 2012

مخالفة اليهود للميثاق


مخالفة اليهود للميثاق

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ(83)وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ(84)ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمُ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(85)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ(86 (.

يقول الشيخ الشعراوي:

الميثاق.. وهو العهد المربوط ربطا دقيقا وهو عهد الفطرة أو عهد الذر .
 
وهناك عهد آخر أخذه سبحانه على رسله جميعا وهو أن يبشروا برسالة رسوله.. ويطلبوا من أتباعهم أن يؤمنوا به عند بعثه.. وألا يكتموا ما في كتبهم ولا يغيروه.
وهذا الميثاق شمل ثلاثة شروط:
"لا تعبدون إلا الله وحده، وتؤمنون بالتوراة، وبموسى نبيا .. لماذا؟

لأن عبادة الله وحده هي قمة الإيمان.. ولكن لا تحدد أنت منهج عبادته سبحانه فلابد أن تتخذ المنهج المنزل من الله وهو التوراة وتؤمن به.
ثم بعد ذلك تؤمن بموسى نبياً لأنه هو الذي نزلت عليه التوراة، والذي سيبين لك طريق العبادة الصحيحة.

وقوله: "إحسانا " معناه زيادة على المفروض.. فالذي يؤدي الصلاة مثلا بقدر الغرض يكون قد أدى.. أما الذي يصلي النوافل ويقوم الليل يكون قد دخل في مجال الإحسان.
والله تبارك وتعالى يريد منك أن تعطي لوالديك اكثر من الواجب عليك.

"وذوي القربى".. يحدد الله المرتبة الثانية بالنسبة للإحسان.. فالله جل جلاله أوصانا أن نحسن لوالدينا ونرعى أقاربنا.. ولو كل منا قام بهذه العملية ما وجد محتاج أو فقير أو مسكين في المجتمع.

واليتامى".. اليتيم هو من فقد أباه وهو طفل لم يبلغ مبلغ الرجال.. هذا في الإنسان أي فقد من يعوله ويسعى من أجله ويدافع عنه.
أما في الحيوان فإن اليتيم من فقد أمه.. لأن الأمومة في الحيوان هي الملازمة للطفل، والأب غير معروف في الحيوان.
ولكن الحال انقلب الآن ولذلك يقول شوقي رحمه الله:

ليس اليتيم من انتهى أبواه  من هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له  أما تخلت أو أباً مشغولا


"والمساكين".. كنا نقول إن المساكين هم الذين لا يملكون شيئا ليقيموا به حياتهم .. إلي أن نزلت الآية الكريمة في سورة الكهف
(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر(
فعرفنا أن المسكين قد يملك.. ولكنه لا يملك ما يكفيه.
وهذا نوع من التكافل الاجتماعي لابد أن يكون موجودا في المجتمع.

 فإذا كان هناك فقراء أقارب أو يتامى يصبح لهم حقان:
حق القريب وحق الفقير .. وإن كان يتيما فله حق اليتيم وحق الفقير.

"حسنا".. حسنا بضم الحاء ترد بمعنى حسن بفتح الحاء.. واختلف العلماء : هل الحسن هو ما حسنه الشرع أو ما حسنه العقل؟
نقول: ما حسنه العقل مما لم يرد فيه نص من تحسين الشرع.

"وأقيموا الصلاة" فرق أن تقول صلوا .. وأن تقول أقيموا الصلاة، وإقامة الصلاة هي الركن الذي لا يسقط أبدا عن الإنسان.

 "ثم توليتم" .. هذا هو واقع تاريخ بني إسرائيل.. لأن بعضهم تولى ولم يطع الميثاق وبعضهم أطاع .

"إلا قليلا".. هو قانون صيانة الاحتمال.. وهو إنصاف من الخالق للمخلوق.

 " فائدة:  نريد أن نأخذ الدقة الأدائية.. إذا أردنا أن نفسر كلمة تولي.. ومعناها أعرض أو رفض الأمر.
فحين يلتقي المؤمن بالكافر في معركة يكون الإعراض بنوايا مختلفة.. يتولى ليس بنية الهرب من المعركة، ولكن بنية أن يذهب ليقاتل في مكان آخر أو يعاون إخوانه الذين تكاثر عليهم الأعداء.

والله سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلي أن هؤلاء اليهود تولوا بنية الإعراض..

فائدة : لماذا قال الله تعالى : "لا تسفكون دماءكم" مع أن المراد قتل الغير؟ وكذلك قوله:
(ولا تُخرجون أنفسكم) مع أن المراد إخراج الغير.
والجواب أن الله تعالى يخاطب الجماعة المؤمنة على أنها وحدة واحدة، فمن قتل أخاه فكأنما قتل نفسه.

الخلاصة:
الأمور التي أمر الله بها بني إسرائيل أمر بها جميع الخلق. وقد رتبها ترتيباً دقيقاً متناسقاً.
فقدم حق الله تعالى في إفراده بالعبودية لأنه هو المنعم.
ثم ذكر الوالدين لأنهما سبب وجود الإنسان ورعايته صغيراً.
ثم القرابة لأن فيهم صلة الرحم.
ثم اليتامى لقصورهم.
ثم المساكين لضعفهم.
ثم أمر تعالى بالقول الحسن لإبعاد الشيطان عن بني البشر.
ثم ختم جل جلاله تلك الأوامر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة:
الأولى تقوي الصلة بين العبد وربه:
والثانية تقوى الصلة بينه وبين الخلق وتخرج الدنيا من قلبه، وبهذا يحدث الترابط والتكافل بين أفراد المجتمع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق