الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

الرحـــم: بقلم الأديبة الكاتبة نادية كيلانى


الرحـــم

:
- لم أكمل شهري التاسع.
- لدينا أجهزة تكميلية.
- أقل كفاءة.
- لن تعرفي أكثر منا.
- خلعت نفسها من أيدي الرجال الأشداء.. مزقت معاطفهم البيضاء.. كسرت مشارطهم الصلبة.. نظرت إليهم في شماتة.!
- لن تأخذوا طفلي.
تحتاجين إلى عملية قيصرية.
- كل عملياتكم اليوم قيصرية.! وأنا ولاداتي السابقات كنت طبيعية.
- تخضعين الآن للعلم الحديث.
دارت بعينيها تتأمل الوجوه الجامدة، والجدران المصفحة، والسقف ذا الطبقات الخانقة للصوت.
أشار كبيرهم بطرف إصبعه.. تحلق الرجال حولها من جديد.. دارت في دوامة المعاطف الخنوقة.. أزاحتهم بيد واهنة.. لكنها حازمة:
-     لن تتمكنوا مني.. لن تلفني الملاءات الملعونة.. عملكم يعجل بالقبر.
صرخ كبيرهم:
-     لا تنصتوا إليها.. زيدوا عدد الرشاشات.
اندفع الرجال يغرقونها في البنج المقطر.
-     لن أفقد الوعي.
صاح كبيرهم:
-     حقنة ثانية..  ثالثة.. الوقت يمر.
قالت في تحدٍ.
-     لن أعطي جنينا.
-     ألم تفقدي الوعي من قبل.؟
-     أبدا.
-     رأيناك ذات يوم تترنحين.
-     ولكنني لم أسقط قط.
-     رغم كل المحاولات.؟!
-     ورغم كثرتها.
-     قطب كبيرهم جبينه.
-     إذن حقنة خامسة.. سادسة.
-     لا فائدة.
-     إذن تلدين بلا تخدير.
-     وبلا ألم.!
-     لا يهم أن تتألمي.. انتزاع الجنين هو الأهم.
ابتسمت في إعياء وتصميم.
-     لماذا تعاندين.؟!!
-     إحساسي بقوتي.
-     إحساس خاطيء.
-     يمكنني الفرار.
-     لن تبتعدي كثيرا.. رجالي أقوياء.
-     أرفض مساعدتكم.
-     من يساعدك إذن.؟
-     جزع النخلة.. أهزها "تساقط علي رطبا جنيا"
-     لسنا في زمن المعجزات.
-     زمن القيصرية.؟!
-     يجب أن تعترفي بمقدرتنا على العمل.
-     القيصرية عمل.؟!
-     تمددي على الفراش.
-     هأنا ذي أتمدد.
-     استسلمي لنا.
-     هأنا ذي أستسلم.
-     - غيبي عن الوعي.
-     ليس في استطاعتي.
يرفع كبيرهم يده.. ينشط الرجال.. تنشق البطن.. إشارة ثانية.. تنزلق الأمعاء.. إشارة ثالثة.. البحث مستمر.
صرخ المساعدون:
-     الجنين يهرب إلى جدار الرحم.
-     هاته.
ابتسمت في شماتة:
رمقها كبيرهم في حنق.. مد يده.. أعادها سريعا مذعورا.. حدق ذاهلا.
انطلق الجنين يعدو.
****



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق