محـــــاورة
:
يجب أن اطلق هذه
المرأة.. لابد.. لماذا أبقي عليها وما تسببه لي من ضيق وقلق يفوق ما تقدمه من
خدمات هزيلة.. امرأة لا تسر العين.. بدينة.. مدكوكة وأنا تعجبني المرأة الرشيقة.
لا تأكل كما يأكل
خلق الله، تبدأ بالمضغ ثم البلع.. بل تطوح اللقم بأصبع ماهرة، فتسقط في الهوة
السحيقة المحفورة في وجهها، وكأنها خباز يلقي بقطع العجين إلى قلب اللهب.
رغم كرهي لهذا
المشهد استمتع بمشاهدته من باب التسلية، فهو ابتكار لبناء الأجسام البدينة.
لست بخيلا أعد عليها
اللقم.. ثم إنها تأكل يشهية وتزغر لي بعينين تملؤهما الثقة.. وتنطقان:
- من جيبي.
فهى صاحبة إيراد
ضئيل يتيح لها بعض التجاوز ولي بعض التقصير.
أكاد أستلقي من
الضحك وهي تقول:
- ميراث أبي.
لا أتصور أن لهذه
العربة المصفحة أبا.
أما مشيتها، فتحرك
في نفسك صفة الشهامة.. تراها فتسرع بنشر ذراعيك في الهواء لإيقاف هذا الصخب
الصامت.. تترجرج مثل دلو مملوء بالماء إلى حافته، يحمله صبي لم يألف بعد حفظ
توازنه.. يجب أن أوقف هذه المهزلة.
مادامت ذهبت إلى بيت أمها فلتبق هناك.. ماذا يضيرني.. الطعام.! يمكنني صنعه
بنفسي.. ثم إنها تكثر من الملح في الطعام، وأنا أحبه أقل ملوحة.
ملابسي.! يمكنني غسلها وكيها أفضل منها.. فهي لا تدعك ياقات القمصان جيدا..
وهل تزوجت لأحصل على خادمة بدون أجر.؟!
من.؟! الأولاد.. آه.. كبروا.. ليسوا في حاجة إلي خدماتها الآن.. يمكنني
مراعاة شئونهم البسيطة بنفسي.. هم قادرون على أكثرها.. الصغير لم يعد صغيرا.. عشر
سنوات كاملة مع نضج عقلي ولباقة في الحديث:
- لماذا تغضب أمي وتذهب إلى بيت جدتي كثيرا.!
سؤال ذكي.. يا سلام على الولد.!.. أمك يا حبيبي لا تزال طفلة تحن إلى صدر
أمها.. بالتأكيد سوف يقدر موقفي ويوافقني على طلاقها.. بل سيفرح بالمفاجأة.
لن أظلمها.. فهي أم أولادي.. على كل حال لها حقوق الزوجة كما أمر الدين.
المؤخر موجود.. النفقة مضاعفة.. أمتعها سنتين بدلا من واحدة.. مشكلة واحدة
ستصادفني.. قيمة الذهب الذي باعته لتعوض خسارتي الأخيرة.. تدبر.!
هذه المشكلة سأتغلب عليها.. المهم أن تبقى هناك في حضن أمها.
جادت بالمال ولم تجد بالمشاعر.. كنت أقص عليها أسباب خلافي مع الشريك وتلوذ
بالصمت.
- قولي أي شيء.
- أنت المخطيء
- أنا زوجك.. يجب أن تكوني في صفي دائما.
تنظر إليَّ شزرا.. تعتمد على ركبتيها وتمضي تترجرج.
أولادها.!.. تراهم كما يحلو لها.. حقها.. وأشترط عليها عدم التدخل في
شئونهم، فهي تتمتع بقدر كبير من السلبية.
صوتها.!.. لا تقدر على خفضه.. في اعتقادي أن لنا عند الجيران ملفا
بأخبارنا.. هذا غير معاهدة الصداقة بينهم وبين زوجتي العشرية، أهم نصوصها تبادل
السلع الغذائية الخام والمصنعة.
- أرجوك يا زوجتي العزيزة.
- لا ترجوني.. الجيران لبعضهم.!
لم تزد.. لوت (بوذها) ولاكت أضراسها.. أستريح منها ومن جيرانها الذين
ترغمني على استقبالهم في بيتي:
- يا حبيبتي.. كوني عملية.. تحسب المعارف اليوم بمقدار الربح والخسارة.. لا
وقت لأحاديث الود والألفة.
تضحك في بلاهة واستخفاف.. وتمضي في تجهيزات الزيارة، ألا أملأ عينيها.. لن
أضيع الفرصة كالفرص السابقة.
يالهذا الهدوء الجميل منذ أن غادرت البيت.!
الأولاد كل في ركنه.. عاكف على كتابه.. أتوقع لهم نتيجة أفضل في هذا الشهر,
لكنني حائر في تفسير معنى نظراتهم.. أهي نظرات لوم أم امتنان.؟!
غدا يا صغاري تكبرون.. وتدركون كم أسديت لكم من جميل بإبعاد أمكم الحنون..
حنان الدببة.
قبل أن تخور قواي سأسارع بارتداء ملابسي.. مأذون الحي قريب من هنا.. ولن
أستغرق وقتا.. التفتوا أنتم إلى مستقبلكم أيها الأعزاء.. اتركوا لي وحدي هذه
المهمة الصعبة.. استودعكم الله مؤقتا.
- إلى أين يا أبي.؟
- ذاهب إلى.. إلى.. مصالحة أمكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق