مالك وجعفر الصادق
أتيح للإمام مالك أن يعرف جعفر الصادق معرفة صداقة وتدارس معا.. وحمل كل واحد منهما تقديرا عظيما لصاحبه.
وفي الحق أن الإمام مالك قد أفاد من صحبة الإمام جعفر الصادق ـ وأخذ عنه الاعتماد على العقل فيما لم يرد فيه نص ـ غير أنه اسماه بالاستحسان أو المصلحة المرسلة ـ فقضى بما يحقق مقاصد الشريعة من توفير المصلحة وجلب النفع ودفع الضرر.. كما اعتبر المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة، ووازن بين المصالح وما أولاها بالرعية لتكون هي مناط الحكم.
ويقول الإمام مالك من علاقته بالإمام جعفر الصادق:
«كنت آتي جعفر بن محمد، وكان كثير المزاح والتبسم فإذا ذكر عنده النبي (صلي عليه وسلم)
أخضر واصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا
فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال:
إما مصليا وإما صائما
وإما يقرأ القرآن، وما رأيته قط يحدث عن رسول الله (صلي عليه وسلم) إلا على طهارة، ولا يتكلم فيما لا يعنيه.
وكان من العلماء الزهاد العباد
الذين يخشون الله. وما رأيته قط إلا يخرج
الوسادة من تحته ويجعلها تحتي.
أفاد الإمام مالك من صحبة الإمام جعفر وأخذ عنه كثيرا من طرق استنباط الحكم ووجوه
الرأي وأخذ عنه بعض الأحكام في المعاملات،
وأخذ الاعتماد على شاهد دون شاهدين، إذا حلف المدعي اليمين،
وكما أخذ من الإمام الصادق جعفر بن محمد، أخذ من أبيه الإمام محمد الباقر بن علي زين
العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا.
وقد بلغ مجموعة تلامذة الإمام الصادق جعفر بن
محمد أربعة آلاف تلميذا، مما حدا بمالك بن أنس إلى القول:
"ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا
خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة".
***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق