{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ
فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ(56)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(57)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ
مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ(58)
الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ َتَوَكَّلُونَ(59)
وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا
وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(60)}.
سبب نزول
الآية (56):
{يا عباد}: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة، كانوا
في ضيق من إظهار الإسلام بها. قال مقاتل والكلبي: هذه الآية نزلت في تحريض
المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة، أي في قوم تخلفوا عن الهجرة وقالوا: نخشى
إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة.
نزول
الآية (60):
{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ}:
عن ابن عباس: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال
للمؤمنين بمكة حين آذاهم المشركون: اخرجوا إلى المدينة وهاجروا، ولا تجاوروا
الظلمة.
قالوا: ليس لنا بها دار ولا عقار، ولا من
يطعمنا، ولا من يسقينا، فنزلت الآية:
{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا
وَإِيَّاكُمْ}
أي ليس معها رزقها مدخراً، وكذلك أنتم يرزقكم
الله في دار الهجرة.
ثم لما بيَّن تعالى حال المكذبين الجاحدين،
أعقبه بذكر حال الأبرار المتقين فقال:
{يَا عِبَادِي الَّذِينَ
ءامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}
خطابُ
تشريفٍ للتحريض على الهجرة من دار الكفر إلى دار الإِسلام أي يا من شرفكم الله
بالعبودية له هاجروا من مكة إن كنتم في ضيق من إظهار الإِيمان فيها، ولا تجاوروا
الظلمة فأرضُ الله واسعة.
قال مقاتل: نزلت في ضعفاء مسلمي مكة
{الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
هذا
بيانٌ للعاملين أي هم الذين صبروا على تحمل المشاقّ من الهجرة والأذى في سبيل
الله، وعلى ربهم يعتمدون في جميع أمورهم.
قال في البحر: وهذان جماع الخير كله: الصبر،
وتفويض الأمر إليه تعالى:
{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ
رِزْقَهَا} {اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}
قال في
التسهيل: والقصدُ بالآية التقوية لقلوب المؤمنين إذا خافوا الفقر والجوع في الهجرة
من أوطانهم، فكما يرزق الله الحيوانات الضعيفة كذلك يرزقكم إذا هاجرتم من بلدكم. وهو
السميع لأقوالكم، العليمُ بأحوالكم.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق