استخلاف الإنسان في الأرض وتعليمه اللغات
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ(30)وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(31)قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(33).
ومن عجائب القرآن أيضا سرد القصص
يقول
الشيخ الشعراوي:
القصة التي بدأ الله سبحانه
وتعالى بها قصص القرآن كانت هي قصة آدم أول الخلق. ولقد وردت هذه القصة في القرآن الكريم كثيرا
لتدلنا على صدق البلاغ عن الله.
وهناك قصص تروي في
الدنيا ولا واقع لها، بل هي من قبيل الخيال. أما قصص القرآن الكريم كلها أحداث
وقعت فعلا. ولكل قصة في القرآن عبرة.
فمرة تكون القصة لتثبيت النبي () وتثبيت المؤمنين في المواقف التي تزلزلهم
فيها الأحداث.
وقصص القرآن ليست لقتل الوقت.
ولكن الهدف الأسمى للقصة هو تثبيت ونفع حركة الحياة الإيمانية.
ولو نظرنا إلي قصص القرآن الكريم
نجد أنها تتحدث عن أشياء مضت وأصبحت تاريخا. والتاريخ يربط الأحداث بأزمانها..
والعبرة في قصص القرآن الكريم
أنها تنقل لنا أحداثا في التاريخ. تتكرر على مر الزمن.
ففرعون مثلا هو كل حاكم يريد أن
يعبد في الأرض.
وأهل الكهف مثلا قصة كل فئة
مؤمنة هربت من طغيان الكفر وانعزلت لتعبد الله.
وقصة يوسف عليه السلام هي قصة كل أخوة
نزغ الشيطان بينهم فجعلهم يحقدون على بعضهم البعض.
وقصة ذي القرنين هي قصة كل حاكم
مصلح أعطاه الله سبحانه الأسباب في الدنيا ومكنه في الأرض فعمل بمنهج الله.
وقصة صالح هي قصة كل قوم طلبوا
معجزة من الله، فحققها لهم فكفروا بها.
وقصة شعيب عليه السلام .. هي قصة
كل قوم سرقوا في الميزان والمكيال.
حتى في الوقت الذي نعيش فيه تجد أكثر من فرعون. وأكثر من أهل كهف يفرون بدينهم. وأكثر من قارون يعبد المال والذهب.
ولذلك جاءت شخصيات قصص القرآن
مجهلة إلا قصة واحدة هي قصة عيسى بن مريم.. لماذا؟
لأنها معجزة لن تتكرر.. ولذلك
عرفها الله لنا فقال :
"مريم ابنة
عمران" وقال : "عيسى بن مريم"
حتى لا يلتبس الأمر. وتدعي أي
امرأة أنها حملت بدون رجل. مثل مريم.. معجزة مريم لن تتكرر. ولذلك حددها الله
تعالى بالاسم.
أما باقي قصص القرآن الكريم فقد جاءت
مجهلة. فلم يقل لنا الله تعالى من هو فرعون موسى.. ولا من هم أهل الكهف، ولا من هو ذو
القرنين ولا من هو صاحب الجنتين.
لنعرف أنه ليس المقصود شخصا بعينه.
ولكن المقصود هو الحكمة من القصة.
وأكبر القصص في القرآن الكريم. قصة موسى عليه السلام.
ويذكرنا القرآن الكريم بها دائما
لأن أحداثها تعالج قصة أسوأ البشر في التاريخ. وفي كل مناسبة يذكرنا الله بلقطة من حياة هؤلاء.
وهنا نجد الله تعالى امتنَّ على العباد بنعمة
الخلق، وبتشريف أبيهم وتكريمه، بجعله خليفة، وإِسكانه دار الكرامة، وإِسجاد الملائكة
تعظيماً لشأنه.
ومن معجزاته سبحانه وتعالي أنه عَلَّمَ آدَمَ أسماء المسمّيات كلها.
قال ابن
عباس: علّمه اسم كل شيء حتى القصعة
والمغرفة والحاصل أن الله تعالى أظهر فضل آدم علي الملائكة بتعليمه ما لم تعلمه الملائكة،
وخصّه بالمعرفة التامة دونهم، من معرفة الأسماء والأشياء، والأجناس، واللغات، ولهذا
اعترفوا بالعجز وقَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا.
الفوائد:
الحكمة من جعل آدم عليه السلام
خليفة هي الرحمة بالعباد لأن العباد لا طاقة لهم علي تلقي الأوامر والنواهي من
الله مباشرة، فمن رحمته إرسال الرسل من البشر.
قول الملائكة ( أتجعل فيها من
يفسد فيها) قيل كان في الأرض جن فأفسدوا، فبعث الله إليهم ملائكة فقتلتهم، فقاس
الملائكة بني آدم عليهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق