الدش
( هنا.. وهناك)
استرخت تتابع أحداث الفيلم العربي بهيام أكثر مما عليه
بطلته.. الفيلم من الزمن الجميل والبطل "فريد الأطرش" رأته وهو يغني
لحبيبته:
(طلعت يا فجر بدري موش كنت تستني فجري)
يا سلام يقول للفجر إن حبيبته هي الفجر علي أصله.
تحس الكلمات موجهة إليها .. تخدر جسدها .. تسترخي أكثر ،
تسبل عينيها، وتهيم روحها مع الكلمات الجميلة.. تتذكر
حبيبها و.. تتساءل:
"تري ماذا يفعل الآن .. ليته يتابع الفيلم .. يعيش
اللحظات الحلوة التي تعيشها"
دق جرس التليفون بجواره.. تأفف قبل أن يمسك بالسماعة
جاءه صوتها حنونا وهائما:
- أتري فريد..؟
- لا.
- إنه في القناة الأولي.
- أمازلت تعيشين في هذا الجو .. لو كان عندك دش لتغيرت
أشياء كثيرة في حياتك.
- ما دمت لا أستطيع مشاهدة ما تراه وأنت تستطيع فهيا أدر
القناة.. إلي الأولي بسرعة.
- ماذا تقولين..!!
أأترك المستقبل لأبحث عن الماضي.
- وماذا تري في المستقبل.. يعني ماذا تشاهد الآن..؟
- أشاهد عرسا في كنيسة.
- عادي.
- القسيس يعقد قران اثنين من الشبان.
صرخت:
- غير معقول.. ماذا.. ماذا..؟
- بلا صراخ
- تقصد يعقد قران رجل لرجل.
- نعم.. الاثنان في غاية الرجولة.. ربما العروس تبدو عليها
سمات الرجولة أكثر.. لها شارب وذقن و.. حلوة.. والأهم أن الفرحة تغمرها، والكل
يهنئ، ويتمني لهما السعادة.
- أهناك مدعوون أيضا..؟!
- نعم.. كثيرون، والقسيس يقدم للعروسين كلمات هي مفتاح
السعادة الزوجية.. ها هي الزيجة قد تمت.. القسيس يطلب من العريس تقبيل العروس..
آآه .. يااه كل هذه قبلة.
العريس يلتهم شفتي الرجل .. أقصد العروس.. مازالت القبلة
مستمرة.. كلها حرارة.. المدعوون يصفقون.. يا إلهي.. انتهت القبلة أخيرا.. تأبط
العريس ذراع صديقه .. أقصد زوجته.. اتجها إلي الخارج.. إلي بيتهما.
ضحكت في براءة:
- خيالك نشط.. ضيعت علي أحداث الفيلم.. والد البطلة مات..
فريد أخذها إلي القاهرة في شقة تعيش وحدها مؤقتا حتى يتم زفافهما..
أدر مؤشر التليفزيون أرجوك وتابع
معي الأحداث وأوقف نشاط خيالك إلي حين.
صاح :
- انتظري.. انتظري عرس آخر.
- ستعيد الحكاية من الأول..!!
- لا.. هذه المرة بنتان.. القسيس نفسه، الكنيسة نفسها ..
البنتان في منتهي الجمال، في منتهي الأنوثة.. القسيس يلقنهما آيات السعادة..
يوصيهما بعضهما البعض.. الناس سعيدة بهذا الزواج.. وتباركه.. تتمني له النجاح
والدوام.. انتهي القيسي من مراسم الزواج.. يطلب من البنت التي هي الزوج أن تقبل
العروس..
- يا الله .. الطريقة نفسها في التقبيل.. كأنها مدرسة تدرب
علي القبلات القابضة.. انقضت علي شفتي زوجتها في شوق ونهم.. القبلة لا تزال مستمرة
وآثره.. المدعوون يصفقون سعداء..
انتهت القبلة أخيرا، تأبطت ذراع
العروس بين الورود والتهاني، يخطوان إلي الخارج أيضا إلي بيتهما.
ضحكت:
- مرة أخري تضيع علي الفيلم.. البطلة "سميرة
أحمد" اكتشفت أن لها أما مريضة كانت تعمل راقصة..
أخذتها إلي بيتها في الريف لكي تمرضها.. تترك حبيبها وهي
تبكي من أجل أمها.
- لا تريدين أن تتركي الرومانسية والأحلام أبدا..!
- قبل أن تأتي بالدش كنت رومانسيا وحالما مثلي..!
- هاتي لك دشا إذن..!
- ويسلب مني الحلم..!!
- ويضيف لك الواقع.
- الواقع أزاحك بعيدا عني.. هذا سبب كاف لأن أمقته وأعلن
رفضي له.
.................................
مجلة الفن/15مايو1998
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق