الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

ابنة رجل مهم


ابنة رجل مهم

المفاجأة عقدت لسانى  عقدة وشنيطة  غير متوقع بالمرة أن تلتقط أذناى هذا الرقم كمهر لجواهر
ماذا    ؟!!    ماذا تقول يا عمى ؟  لم أسمع جيدا
أجاب ببساطة
بل سمعت    ونقول مرة أخرى
مليون جنيه يا حبيبى    جنيه ينطح جنيه    أم  هذا كثير على ابنتى    ؟
« كثير    وأى كثير    صحيح كنت أتوقع أن يطلب مهرا مرتفعا، فهو رجل غنى   يكتب بيتا كبيرا له حديقة فسيحة، وسيارة فارهة باسم ابنته الوحيدة «جواهر» عروسى الجميلة    لكننى لم أدرك حجم ثروته    ولم أتخيلها    درت بعينى فى المكان الفسيح    تأملت السجاد العجمى، والستائر الحرير    قدرت قيمة النجف، والتحف التى تملأ المكان    تذكرت كلماتها»
أبى لن يفرط فىّ بسهولة
قلت لها
الحق معه    أنت وحدك جواهر اسما ومعنى أنا أيضا لن أفرط فيك على الإطلاق
قالت
قد يطلب مهرا كبيرا
كل ما أملك مهر لك    فإن كان والدك كتب بعض أملاكه باسمك    فأنا سأكتب حياتى كلها باسمك
«بدا لى الموضوع منتهيا، فلن أبخل على حبيبتى بكل ما أملك، وأنا ميسور الحال ولكن أبدا لم يصل فى ذهنى إلى المليون
عقدت العزم وأخبرت والدها بخواطرى   أفزعتنى ضحكته المفاجئـة    أرعشت أذنى وكأنني حمار وقف الذباب على أذنيه   غصت فى مقعدى تملأنى الحيرة    فأنا مهندس مرموق ومسقبلى بدأت أجنى ثماره
ولما انتهت آخر اهتزازاته من الضحك المفتعل قال
لا أريد ما تملك يا حبيبى   مليون جنيه عدا ونقدا تبدأ فى تجميعها من الآن    أما ما عندك هذا، وما ورثته عن أبيك فلا يلزمنا
فغرت فاهى
ماذا    ؟ أبدأ فى تجميعها    هل سأقوم بتزوير أوراق مالية إذاً     ؟
لا تزوير ولا غش    بالعمل   بالكفاح    بالاجتهاد بالوقوف على قدميك ثمانى ساعات يوميا، والجلوس ثمانى أخرى تحتاج إلى   أوفر تايم   فى بداية حياتك   وأترك لك الثماني الثالثة لتنام   كى تصحو نشيطا سعيا وراء أكل عيشك منذ البكور
إذن ستزوجنى ابنتك بعد ثمانين سنة من الأن
لا بل بعد سنة واحدة
قلت بدهشة أخرجت صوتى متغيرا على سمعى
وليس بتزوير أوراق مالية
بهدوئه المعتاد
طبعا    وهل أزوج ابنتى لمزور ؟
إذن هى المخدرات
لا مخدرات، ولا يحزنون    وهل أقبل أن يصاب شباب البلد بهذا الداء اللعين   ثم إن المخدرات لا تأتى لك بهذا المبلغ فى عام
وما هو هذا العمل الخارق الذى
حرفتى    مهنتى، وكارى    أنا رجل عصامى وكل ما تراه أمامك، وما لا تعرف عنه شيئا بكفاحى ومن عرق جبينى
ما زلـت لا أعرف نوع العمل، وإن كنت أصلح له أم لا
قبل أن تعرف نوع العمل لابد أن تقبل أى شئ أعرضه عليك
مادام شيئا لا يغضب الله فعلى بركة الله
اذهب واحصل على أجازة من عملك، وتعالى فى أى وقت فى الصباح الباكر
وما نوع العمل ؟
ألم تقل بأنك مستعد     يجب أن تفعل ما آمرك به لأرى جديتك
«لم أشعر بالنسمة الباردة تلفح صدغى وأنا عائد إلى بيتى، ولا ما مر من الوقت وأنا جالس فوق سريرى أقلب فى ذهنى المهن التى تدر مليون جنيه فى سنة، وأتساءل هل حبى للبنت سيضطرنى لأن أفعل أى شئ    ؟
ولكن الرجل يقول لا مخالفة قانونية ولا مخالفة دينية حيرنى هذا الرجل، وليس أمامى سوى أن أختبر مشاعرى الحقيقية تجاه البنت    وإذا كان من الممكن أن أقبل أى عمل يعرضه علىّ أم أن أعمل بالمثل القائل     من خاف سلم  وأصرف النظر نهائيا عن هذا الزواج الغامض والذى يبدأ بمغامر »
مغامرة
«أخذتنى روح المغامرة    طغت على حبى لجواهر، وارتاح صدرى تماما للأمر قائلا لنفسى
إذا لم يرُق لى العمل سأتركه وإن وجدت الرجل مخالفا سأبلغ عنه، وإن كان الأمر محتملا كسبت الثروة والحب    هيا إلى رحلة المليون جنيه    و    سحبت الغطاء على وجهى
استغرقت رحلة طلب الأجازة عدة أيام أضطررت لأن أوسط الوسطاء حيث أننى لم أقدم عذرا يقبلونه وكلما اتصلـت بالرجل أخبره بعدم موافقتهم يقول لى
استقيل
أخيرا سعى أولاد الحلال فى إنهاء الأم، وذهبت إلى حماى المنتظر بأجازتى فى يدى مبشرا وقائلا
أنا تحت أمرك فورا
قال الرجل
نبدأ العمل من الآن
قام إلى سلة قابعة فى ركن قصى    حملها بين يديه بمودة، وضعها أمامى فى هدوء، وقال
اخلع ملابسك ، والبس هذه
اختلفت نظراتى بين الرجل، والسلة    نبشت بداخلها فإذا بجلباب ممزق قذر   وشال سميك قديم    وعمامة غريبة الشكل وحذاء يتيح لكل أصبع أن يتنفس منفردا من شباكه الخاص    وقبل أن أتساءل صاح الرجل
بسرعة حتى أستعد أنا الآخر
دخل غرفته تأخر قليلا بينما ظللت واقفا محنطا أتأمل ما أمامى وأقدح زناد فكرى ولا أفهم أو     فهمت ولم أصدق
عاد الرجل، ولم أعرفه فى البداية   كان يلبس ملابس مشابهة لما يريدنى أن ألبسها    دخلت وراءه  جواهر  فى أبهى زينتها    قال الرجل
أما زلت واقفا كالصنم
اقتربت منى جواهر واضعة ذراعيها فوق كتفى وقالت
البس يا حبيبى حتى نلم الشمل    سألتها
هل تعرفين العمل الذى سأقوم به ؟
قالت
نعم، ولن تندم    سنة واحدة وتكون مليونيرا مثل أبى، وحبيبة قلبك إلى جوارك
ولكننى لم أفهم ؟
اتبع أبى وستفهم
نفد صبر الرجل    صرخ
الوقت له ثمن وأنت تضيعه هكذا    البس بسرعة أو عد من حيث أتيت و   أعطانى ظهره
نظرت فى عينى جواهر فلم ألحظ جمالهما، ولا حتى حثهما لى على أن أطيع والدها   رأيت صورتى أو شخصا يشبهنى قابعا فى عينيها هو الذى يحثنى ويقول لى بخبث
المغامرة    هل فقدت روح المغامرة
خلعت بدلتى
صاحت جواهر
يا بابا    لبس    لبس
عاد الرجل وعدل من هيئتى    أقصد بهدل هيئتى أكثر   ألبسنى جهازا فى ساقى فوجدتنى أعرج    وضع عصابة فوق عينى فاضطربت الأشياء أمامى وبهت لونها   نثر بعض النتف السوداء على ذقنى فالتصقت بها    شدنى بعدها من ذراعى فتبعته كالمنوم، خرجنا من باب غير الذى دخلت منه إلى شارع آخر    وما هى إلا خطوات والرجل يستند على ذراعى وأنا الأعرج الأعمش أجره بوهن    وكان السؤال على طرف لسانى
إلى أين    ؟
قطع السؤال سيدة قابلتنا، وضعت فى يدى نقودا    صرخت فى الرجل الذى خدّل ذراعى
إننا    إنها تظن
لكزنى الرجل قائلا بتهكم
اسكت لا تفضح نفسك    أمازلت تتصنع الغباء
قلت فى نفسى
يالك من مغامر
آخر اليوم جلسنا نقتسم المال    ما معى أكثر مما معه طمأنه هذا على رزقى، فقال
المال اليوم قسمة بالتساوى، ومن الغد أنت فى مكان، وأنا فى الآخر    وكما رأيت لقد عرّفتك على مسئول المنطقة، ولن يضايقك أحد    أما أنا فعلىّ التفاهم معهم بخصوص الإتاوة بحسب الأصول المتبعة    طبعا أنت دخلت على منطقة نفوذهم
المهم أن تتقن عملك، وتخلص فيه حتى يبارك لك الله فى المال
لا تعليق من ناحيتى سوى صوتى الداخلى يقول
يا لها من مغامرة
بعد عام اعتذرت لعمى عن عدم إتمام زواجى بابنته حيث أننى تعرفت على ابنة مسئول كبير قد أحتاج لحمايته إذا لزم الأمر.
........................
القصة/7-8-9-1999

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق