الخميس، 8 نوفمبر 2012

الفصل الثاني: الحجاب في الحديث النبوي الشريف


الفصل الثاني
الحجاب في الحديث النبوي الشريف

تقول الكاتبة:
(الحديث هو كل ما حكى عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
 من قول أو فعل أو تقرير، وقد جاء في القرآن الكريم:
{لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}
(آل عمران: 164)

فالرسول مكلف بتبليغ الرسالة، وسنة رسول الله تبين للناس أحكام ربهم في كل الأمور، ولم يفكر أحد من المسلمين خلال القرن الهجري الأول على امتداده في جمع الحديث أو الاستيثاق منه ولا في تدوينه وجمعه في كتاب موحد كما فعلوا بالقرآن الكريم، والسبب لئلا ينشغل الناس بها عن القرآن.

وتقول:
ونشأ عن ذلك أن استباح قوم لأنفسهم أن يزيفوا أحاديث وينسبوها زورا وبهتانا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وأول من دون الأحاديث كان ابن شهاب الزهري..

** ونقول للكاتبة ليس الزهري أول من دون الأحاديث بل أول من صنف الكتب الجامعة للأحاديث: سعيد بن أبي عروبة، عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، والربيع بن صبيح، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، ومعمر بن راشد، والثوري، ومالك.

وتقول:
ثم كتب الإمام مالك بن انس كتابه الموطأ وقسمه على أبواب الفقه، أي باب في الصلاة، وباب في الصيام، وباب في الزكاة، ومن أشهر من جمع الأحاديث الإمام أحمد بن حنبل..

ثم جاءت الكتب الصحاح وهي الكتب التي حاول أصحابها تخليص الحديث الصحيح من غيره وهي ستة كتب:
 "البخاري ومسلم، وابن ماجة، وأبي داود، والترمذي، والنسائي"

وقد اكتسب كتاب البخاري شهرة ومكانة كبيرة في عصره وإلى يومنا هذا، ويليه صحيح مسلم..

ومن المجمع عليه أن السنة لا تفتئت على القرآن الكريم، ولا تعارضه ولا يؤخذ منها إلا ما يوافقه نصا وروحا.
** **

وتقول:
(وفي مسألة الحجاب ينسب إلى عائشة رضي الله عنها حديث يقول:
"إن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعليها ثياب رقيقة – شفافة - فقال لها:
"يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى الوجه والكفين"
ذكره أبو داود (في أوائل القرن الثالث الهجري)

وقال عنه خالد بن دريك: هذا حديث مرسل أي يسند إلى أحد التابعين ولم يدرك عائشة، ولم يرد هذا الحديث في البخاري ولا في مسلم، ولا مسند ابن حنبل ولا بقية الصحاح)
** **

** الكاتبة ذكرت أبا داود ضمن الكتب الصحاح الستة ورغم ذلك فهي تستشهد بضعف هذا الحديث حتى تقول إنه لا حديث يأمر بتغطية سائر جسد المرأة عدا الوجه والكفين، وما دامت السنة لا تفتئت على القرآن الكريم، ولا تعارضه ولا يؤخذ منها إلا ما يوافقه نصا وروحا، وما دام هناك آية تأمر بضرب الخمار على الجيب فكيف يكون الزي إذن..؟!!

في هذه الحالة ليس أمامنا إلا أن نأخذ برأي المتشددين الذين يضعفون هذا الحديث ليثبتوا وجوب النقاب وذلك لقوله تعالى في وضوح وصراحة:
"وليضربن بخمرهن على جيوبهن"
"أن يدنين عليهن من جلابيبهن"

** فليس أمامهم ولا أمامنا إلا هذا، والحديث ما هو إلا شارح للنص القرآني، ونص القرآن الكريم يذكر الخمار وهو غطاء الرأس، ويذكر الجلباب وهو كساء البدن، فماذا نفعل في هاتين الآيتين إذا كان حديث إبداء الوجه والكفين ضعيفا، إذن فلابد من تغطية الوجه والكفين مع سائر البدن، وهذا بالطبع ليس في صالح الكاتبة ولا من ينادون بالسفور..!! إذن فلنقبل بالحديث.

وتقول:
(وهناك حديثان آخران يجيزان الكشف عن نصف الذراع:
حديث قتادة لابن جرير الطبري: قال (صلى الله عليه وسلم):
"لا يحل لامرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى هنا، وقبض (صلى الله عليه وسلم) على نصف ذراعه"
وحديث ابن جريج عن عائشة: قال (صلى الله عليه وسلم):
"إذا عركت المرأة أي بلغت الحلم لها أن لا تظهر إلا وجهها، وما دون هذا وقبض على نصف ذراع نفسه"
وقد أخذ المالكية بهذه الأحاديث ورفضوا تضعيفها، إلا أنهم أوردوها كدليل على اعتبار الشعر ونصف الذراع، ونصف الساق من العورات المخففة)
** **

** لست هنا في مجال تحقيق الأحاديث ولكن في مجال التسليم جدلا، ونقول إذاً فهي من العورات..!! مخففة مغلظة هي عورات، أما الذين يجيزون الوجه والكفين، فيقولون إنهما ليسا بعورة.
 وسؤالى لماذا كل هذه الحرب حتى تظهر المرأة شعرها ونصف الذراع، ونصف الساق وهي الآن تظهر البطن والسرة.. أليس هذا يدعو للدهشة.. وأولى بالجدل..؟!!

وتقول:
(وثمة حديث ثالث عن ابن الأثير أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال لامرأة منتقبة جاءته تصيح:
يا رسول الله النار.. النار.. فقال لها:
"يا أمة الله أسفري فإن الإسفار من الإسلام والنقاب من الفجور"

وذكرت مصدره وهو الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر الجزء الثامن الخاص بالصحابيات).
** **

** حسن - وعلى اعتبار صحة هذا الحديث - هل معنى أسفري يعني عن الوجه أم عن الشعر..؟!!

وإن قال لها فإن الإسفار من الإسلام، فلا يمكن.. لا يمكن أن يقول والنقاب من الفجور بالمنطق العقلى، ولن أزيد على رأي الكاتبة التي أوردته بنفسها بعد ذلك وكأنه شهد شاهد على نفسه حيث قالت:

(والحديثان المنسوبان لعائشة رضي الله عنها من أحاديث الآحاد التي لا يؤخذ بها في الأمور العقائدية، أي لا تعتبر فرضا دينيا لأن الفرض الديني هو ما جاء فيه حكم صريح قطعي لا تشابه فيه في القرآن الكريم، أو في السنة المتواترة، كما أنهما يتناقضان، فأحدهما يجيز كشف الوجه والكفين فقط، بينما الثاني يحلل كشف نصف الذراع، والحديث الأول جاء في صيغة الصلاح والثاني يحل ويحرم).
** **

** فعلا لا تعليق، فكما قلت قبلا: شهدت على نفسها، لأن الفرض الديني هو ما جاء فيه حكم صريح قطعي الدلالة والثبوت لا تشابه فيه في القرآن الكريم أو في السنة المتواترة، وقد جاء القرآن الكريم بحكم صريح قطعي الدلالة والثبوت: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن"  فلماذا الجدل؟!!

وتقول:
(وهناك حديث رابع يقول:
"لا تقبل صلاة الحائض - المرأة البالغ - إلا بخمار"
(أخرجه أبو داود وابن حنبل والترمذي وابن ماجة)
 ويرى البعض أن هذا الحديث يضعف الحديثين السابقين:

وتعلق:
(فلو أن الأصل أن تضع المرأة غطاء على رأسها عموما، لما كانت ثمة وصية ولا مناسبة لأن يطلب منها وضع خمار على رأسها أثناء الصلاة، فحديث الخمار يفيد أن المرأة لم تكن دائما وأصلا تضعه على رأسها، كما أن الحديث يوصي بأن تضع خمارا على رأسها لتغطي شعرها وقت الصلاة فقط، وأوردت المصدر وهو (المستشار سعيد العشماوي)
** **

** ونقول للكاتبة وللمستشار بأن المرأة لا تضع الخمار إلا أمام الغرباء من غير المحارم، أما في بيتها فهي كاشفة لشعرها وبعض جسدها، أي مظهرة لأكثر من الذراعين والساقين، فالمرأة تؤمر بالحجاب إذا خرجت من منزلها أو وهي في منزلها إذا حضر غير ذي محرم، فقد ذهبت المرأة الأنصارية الحرة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) تقول:
"يا رسول الله إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فكيف أصنع، فنزلت الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النور: 27).
** **

فالحجاب (ونقصد به الخمار والجلباب) هو ستر النساء على غير المحارم حتى من الأهل، وفي داخل البيوت، وعلى ذلك فالحديث:
"لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار" جاء حتى لا تظن المرأة أنها ما دامت في بيتها وفي غرفتها، ولم يرها أحد وهي تصلي فيمكن لها أن تصلي بغير خمار.

** وتبعا لهذه النظرية فما القول في حديث يقول لا يجوز تغطية وجه المرأة حالة الطواف بالبيت، فلو أن الأصل أن تكشف المرأة عن وجهها عموما، لما كانت ثمة وصية، ولا مناسبة لأن يطلب منها كشف وجهها أثناء الطواف، فحديث الطواف يفيد أن المرأة دائما تغطي وجهها وتكشفه فقط في الطواف!! هه ما رأيك..؟

** أما أحاديث مثل قوله (صلى الله عليه وسلم):
"كل ما شئت، واشرب ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة"
وقوله (صلى الله عليه وسلم):
"أحسنوا لباسكم وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس"
وقوله (صلى الله عليه وسلم):
"إن الله يحب من عبده إذا خرج لإخوانه أن يتهيأ لهم ويتجمل"
فهي أحاديث لا دليل فيها على الخروج على حدود الحشمة والتستر.

** ومن الأقوال التي قيلت في الغرض من احتشام المرأة:
"يشترط في ملابس المرأة ألا تكون واصفة لمحاسن جسمها ولا كاشفة، ومقصد الإسلام من احتشام المرأة أن يقيد حركتها في السفور وهي شابة وجميلة حتى يؤمن شيخوختها وهي غير جميلة"

** وهل يجوز أن نهجر النص من القرآن والسنة والعمل بغيره من قياس ورأي.. ومن المجمع عليه أن السنة لا تفتئت على القرآن الكريم، ولا تعارضه ولا يؤخذ منها إلا ما يوافقه نصا وروحا)
قال الفقهاء:
"أمر المرأة مبني على الستر" فإذا تعددت الاجتهادات يؤخذ ما كان أكثر تحقيقا لمقاصد الشريعة وأهدافها العامة، ولا يجوز أن يؤخذ منها ما وافق عمل الناس.
{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } (نوح: 13/14)
 ** **

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق