الفصل الثالث
خلفية تاريخية
هل بعدما تأكدنا من القرآن والسنة بضرورة
الخمار نحتاج إلى الرجوع للتاريخ لنعرف منه قصة الخمار مهما كانت القصة؟!!
ورغم أن الإسلام يجب ما قبله، وهو الذي نؤرخ
من عنده لعقيدتنا، ولكن الكاتبة تميل إلى التشويق وإرجاع الأمور إلى تطورها
التاريخي.. فليكن كى نجاري كل العقول التي تؤمن بالتطور التاريخي، والتي تمتثل
لأمر ربها دون قيد أو شرط.
وفي هذا الباب الذي هو الأول في الكتاب
(الحجاب رؤية عصرية)
تقول
الكاتبة:
(خمسون عاما منذ منتصف العشرينات حتى منتصف
السبعينات من القرن العشرين، تخلصت فيها المرأة العربية من الحجاب، واختفى تقريبا
من مدن مصر والشام والعراق وبعض مدن المغرب العربي وكان في طريقه إلى التلاشي
تماما من بقية المدن العربية إلى أن وقعت نكسة 1967م وانهزمت الجيوش العربية للمرة
الثالثة، أمام الجيش الإسرائيلي وبدأ العرب يراجعون أنفسهم.. وروج بعض الدعاة فكرة
أن المسلمين هزموا لأنهم تخلوا عن دينهم، وتخلت نساؤهم عن الحجاب، وقلدن النساء
الغربيات في المطالبة بحقوقهن والخروج إلى الحياة العلمية..الخ)
** **
** نستوعب هذا الكلام جملة جملة: اختفى
الحجاب تقريبا وليس تماما، وليس من كل العالم الإسلامي بل بعضه، وخمسون عاما فقط
من عمر الإسلام 1427 عاما ليست بالزمن الطويل، وخلال الخمسين عاما انهزمت الجيوش
العربية أمام اليهود ثلاث مرات، فماذا ننتظر بعد ثلاث مرات؟ ألا يحق لنا أن نبحث
عن الأسباب؟ وماذا يقول المهزوم والذي هو في ضيق وكرب سوى يا رب، وهل يقول يا رب
باللسان وكفى أم بتعديل أحواله..؟!!
** وليست القضية فقط في تخلي المرأة عن
حشمتها، ولكن فيما يصحبه من تخلي الرجل عن الغيرة المحمودة وعن كرامته، وبالتالي
فقدا معا الحياء، فترك امرأته مكشوفة أمام الغرباء، فماذا حدث في الخمسين سنة هذه
التي يتحسر عليها دعات كشف الشعر..!! حدث
الآتي:
لم يقتصر الأمر على كشف المرأة لشعرها بل
تبعه كشف لمساحات كثيرة من جسدها، اتسعت فتحة الصدر، وارتفع ذيل الفستان لنصف
الفخذ، وظهر ما سمي بالميني وما يعرف بالميكرو، وطار الكمّان، ولبست الشورت،
والبكيني وبدلة الرقص، وتبلدت مشاعر الرجل وفقد الإحساس بالغيرة على عرضه، بل تشرف
وتباهى بنسائه العاريات في المحافل، وتبودلت الزوجات والأزواج في الحفلات الراقصة،
وأصبحت (المرأة عارية) أى يعيرها زوجها
لصديقه فهي عارية وعارية.. الخمار فقط يمنع كل هذا.
وتقول:
(وللأسباب السابقة روع المجتمع المصري في
بداية السبعينات بأول جريمة إرهابية ارتكبتها جماعة شكري مصطفى عضو جماعة الإخوان
والذي اعتقل عام 1965م وبعد خروجه من
السجن شكل جماعة من الشبان يحملون فكرا دينيا متطرفا واقتحموا الكلية الفنية
العسكرية المصرية، رافعين شعارات دينية وقتلوا عددا من طلبتها)
** **
** أليس هذا التطرف هو التضاد للتطرف في
التسيب والإباحية، ألم ندرس نظرية:
"لكل فعل رد فعل مساو له في القوة مضاد
له في الاتجاه"
وتقول:
(ومنذ ذلك التاريخ بدأت موجة من الجرائم
الإرهابية في أنحاء مصر ترتكب باسم الدين، وتزامنت معها موجة أخرى من الهجوم على
المرأة شنها بعض أئمة المساجد من فوق المنابر، وعلى أشرطة الكاسيت، ورددها آخرون
في البرلمان، وعلى صفحات الجرائد والمجلات والكتب وفي البرامج الدينية، في الإذاعة
والتليفزيون، وأشاعوا أن سفور المرأة وخروجها إلى العمل ومخالطتها للرجل كان واحدا
من أهم الأسباب وراء الهزيمة).
** **
** الحمد لله أنهم أئمة المساجد والدعاة
ودارسوا الدين، ومن ينتقد هؤلاء.
وآخرون في البرلمان، وعلى صفحات الجرائد
والمجلات، فهي وسائلنا الثقافية، وبرامجنا الدينية أهم مصادر التوعية.
وفي الإذاعة والتليفزيون، أي أنها القوة
المستنيرة في المجتمع.
ماذا بعدها..؟!
وتقول:
(كان الشباب العربي ثائرا على الأوضاع
السياسية المتردية في كل البلاد العربية، وغياب الديمقراطية، وتسلط الحكام العرب
واستبدادهم بالشعوب العربية في الوقت الذي يتخاذلون فيه عن مواجهة العدو الأول
للأمة العربية: دولة إسرائيل، ولم تجد زعامات الشباب من متنفس لغضبها ووسيلة
للتعبيرعن وجودها وإعلان تمردها إلى جانب الجرائم الإرهابية، سوى فتيات المدارس
الثانوية والجامعات اللاتي انضممن إليهم لأسباب سياسية وعاطفية، ويصاب المجتمع
المصري بصدمة عندما تعلن بعض الطالبات في كليتي الطب والهندسة، عن عدم رغبتهن في
استكمال التعليم بدعوى أن تعليم البنت حرام في الإسلام، وأن مهمة المرأة الأساسية
في الحياة هي الزواج والإنجاب وطاعة الزوج ورعاية الأسرة، ويظهر الحجاب على رؤوس
عشرات الطالبات ثم ينتشر بسرعة بين الفتيات من سن الخامسة عشرة إلى العشرين، ليبدأ
في الانتشار بعد مقاومة ضعيفة بين أمهاتهن، والمدرسات ثم موظفات الحكومة ثم ينتقل
إلى باقي الفئات والطبقات.
وأصبح غطاء الرأس والحجاب والخمار والنقاب
ألوية ترفعها الجماعات الارهابية المتطرفة على رؤوس النساء كدليل على انتشارها
وتمكنها من الاستيلاء على عقول الشباب).
** **
** وشهد شاهد على نفسه مرة أخرى، إذاَ
فالجرائم الإرهابية كانت لغياب الديمقراطية وتسلط الحكام العرب وتقاعسهم في مواجهة
العدو الأول للأمة العربية، إذاً فهناك أسباب لصحوة المارد والتفكير في تصحيح
الأوضاع، فهذا هو حال المرأة؛ انحلال وتسيب، وهذا هو حال الحكام؛ تخاذل وضعف، وهذا
هو حال الحرب هزيمة ثلاث مرات أما فتيات المدارس الثانوية، والجامعات فانضممن
إليهم بكامل وعيهن، لأنهن ببساطة طالبات ثانوية، وجامعات، ولسن جاهلات مغيبات،
وأصيب المجتمع المصري بفرحة لا بصدمة عندما التزمت بعض طالبات كليتي القمة الطب
والهندسة، بتعاليم الإسلام، ويظهر الحجاب على رؤوسهن، ومن غير هؤلاء المتفوقات
الذكيات يكن أسرع في الفهم ومعرفة الحق، قال تعالى:
{إِنَّمَا يَخْشَى
اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (فاطر:28)
** **
** ونلاحظ جملة مقاومة ضعيفة لأن الحق لا يقف
ضده إلا كل مكابر، فالأم تخشى على ابنتها من شيء غير منتشر، وفي الوقت نفسه تعلم
أنه الحق، فتقول لابنتها على استحياء ليس له من داع الآن، فإذا صممت البنت
تركتها..
وبدلا من أن يصاب المجتمع المصري بصدمة عندما
تعلن بعض طالبات الجامعات عن عدم رغبتهن في استكمال التعليم يتأمل الظاهرة ويتدارك
أسبابها، فهذا هو المجتمع مهلهل مهزوم، والديمقراطية غائبة، والحكام العرب متسلطون
ومتقاعسون، وهن بنات ليس لهن قدوة ولا مثل، وهن طالبات كليتي الطب والهندسة، ليس
لديهن جدل ولا رياء، وهن العقول الذكية المتفوقة فكان من الطبيعي أن يسارعن
بالعودة إلى جادة الطريق!!
أما عن تركهن للتعليم فيرجع للنظرية سابقة
الذكر
"لكل فعل رد فعل مساو له في القوة مضاد
له في الاتجاه"
** ولقد كرم الله المرأة بغطاء الرأس، وهو
فعلا لواء ترفعه على رأسها حتى يكون المؤمنون كالشامة في الناس.
** أما البعض منهن اللاتي قلن بأن التعليم
حرام فهي وجهة نظر البعض لا الكل، فالبنت اليوم تصر على التعليم، وعلى العمل كما
تصر على الحجاب والحشمة.. أما كونه انتشر بسرعة بين الفتيات فالله أكبر، وهو غالب
على أمره.
** **
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق