الفصل الرابع
الحجاب في التاريخ
(وهذا الفصل هو الفصل الثاني في كتاب
"الحجاب رؤية عصرية" وفيه:
تقول
الكاتبة:
(كان الآشوريون (في العراق) أول من فرض
الخمار على النساء في التاريخ القديم (قبل الميلاد) وكانوا قوما يتسمون بالغلظة
ويعاملون نساءهم بجفاء، وقد شنوا حروبا عديدة على جيرانهم واسترقوا أعدادا هائلة
من النساء والرجال، وكانوا يسخرون الرجال لخدمتهم ويستبيحون النساء لمتعتهم
الشخصية، لذلك كان من الضروري تمييز الحرائر عن الأرقاء)
** **
** كم هو إعجابي بجملة قبل الميلاد، ألا تدل
هذه الجملة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وإذا كانت الأمم السابقة قد
أجمعت على احتشام المرأة فهل أتى ذلك من فراغ، وبدلا من أن نقول قوة الرجل وسيطرته
واعتبار المرأة من أسلابه وغنائمه نقول مسئولية الرجل نحو المرأة، وإذا سألنا عن
مصدر هذه المسئولية ونحن قبل الميلاد نجد قوله تعالى:
{وَعَلَّمَ آدَمَ
الأَسْمَاء كُلَّهَا} (البقرة:31)
** **
وتكمل الكاتبة كلامها قائلة:
(وفي إحدى اللوحات الطينية في مدينة آشور
القديمة أحكام خاصة بحجاب النساء، جاء في مقدمتها:
(لا زوجات الرجال ولا الأرامل ولا النساء
الآشوريات اللاتي يخرجن إلى الطريق يمكنهن ترك رؤوسهن مكشوفة.. بنات الرجل سواء
(ارتدين) شالا أم جلبابا أم عباءة لا ينبغي لهن ترك رؤوسهن مكشوفة.. السرية التي
تخرج إلى الطريق مع سيدتها، يجب أن تحجب نفسها.. العاهرة المقدسة التي تزوجها رجل،
يجب أن تحجب نفسها في الطريق، المومس يجب ألا تحجب نفسها ويجب أن يكون رأسها
مكشوفا)
** **
** فلنقرأ هذه الوصايا بعين محايدة لنستشف
منها الروح الربانية.. أليست هذه قوانين العفة ومسئولية الرجل تجاه المرأة، وهذه
هي آداب الطريق، ولا يمكن أن تقبلها المرأة وتعمل بها إلا لأنها توافق فطرتها
السليمة وطبيعتها الحرة.
وتقول:
(وقد وصل الحرص على التفرقة بين الحرائر
والإماء إلى حد توقيع عقوبات قاسية على من يرى أمة أوعاهرا محجبة في الطريق، ولا
يقوم بتقديمها إلى القصر لتلقى جزاءها..)
** **
وتقول:
(وكان قدماء المصريين يؤمنون بأن الشعر هو
مظهر القوة، لذا كان الكهنة يحلقون شعور رؤوسهم وكانت المرأة المصرية ترتدي
الباروكة كغطاء للرأس والزينة، وكانت النساء اليهوديات يقلدن سيداتهن، ثم أصبح
(الخمار) مفروضا على اليهوديات وقد ذكر في أكثر من موضع في العهد القديم :
( ورفعت رفقة عينيها فرأت اسحق فنزلت عن
الجمل، وقالت للعبد من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا فقال العبد هو سيدي،
فأخذت البرقع وتغطت)
(سفر التكوين الإصحاح 24 من العهد القديم،
التوراة)
وتقول:
وفي المسيحية ذكر غطاء الرأس في العهد الجديد
(الإنجيل):
( وكل امرأة تصلي أو تتنبأ (تفسر أو تستخرج
المعاني) وليس على رأسها غطاء تجلب العار على رأسها، لأن كشف الغطاء كحلق الرأس
تماما، فإذا كانت المرأة لا تغطي رأسها، فليقص شعرها)
(العهد الجديد سفر كورنثوس الأول إصحاح 11)
** **
** الكاتبة تتبع أسلوب (إبطال الحجة)
فالمفروض أننا نحن الذين نؤيد الحجاب أو الخمار أو غطاء الرأس أن نأتي بهذه النصوص
كدليل على أن شرع الله واحد في كل الأديان، وأن الخمار أو غطاء الرأس موجود في
المسيحية وفي اليهودية وموجود قبل الميلاد قبل أن يوجد في الإسلام، حيث أن كل هذه
الأمم اتفقت على احتشام المرأة.. وهي أيضا دليل الفطرة السليمة، حيث وصف الله
سبحانه وتعالى آدم وحواء لما أكلا من الشجرة المحرمة وبدت لهما سوءاتهما:
{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن
وَرَقِ الْجَنَّةِ} (الأعراف:22)
ولكنها تسوقها على أنها من العادات وجاءت هى
لتبطل العادات.
** **
وما زالت تقول:
(وعندما سيطر الفرس على بلاد ما بين النهرين
اقتبسوا هذه العادة من الآشوريين، وانتقلت منهم إلى بلاد الشام وبعض المدن العربية
شمال جزيرة العرب قبل الإسلام - نقلا عن قصة السفور والنقاب د. محمود سلام زناتي -
بعد ذلك انتشر الخمار أو البرقع بين نساء بيزنطة وفارس وطروادة وإسبرطة وغيرها من
الممالك والحضارات القديمة، وعندما فتح المسلمون بلاد فارس (إيران حاليا) وجدوا
النساء معزولات عن الرجال داخل (الحريم) ووجدوا الحرائر من النساء يرفضن الظهور
أمام الرجال، فأعجبتهم الفكرة واقتبسوها، وأطلقوا على معتقل النساء (الحريم).
** **
** نلاحظ كلمة اقتباس الفرس هذه العادة من
الآشوريين، وهل تقتبس أمة إلا ما تراه صالحا لها، وانتقلت منهم إلى بلاد الشام
وبعض المدن العربية شمال جزيرة العرب قبل الإسلام لنفس الغرض، وانتشر الخمار أو
البرقع بين نساء بيزنطة وفارس وطروادة وإسبرطة وغيرها من الممالك والحضارات
القديمة.. سبحان الله كل هؤلاء على خطأ..!!
وأطلقوا على معتقل النساء (الحريم) أنت
تسمينه معتقل النساء، والحقيقة هو مملكة ترى منها المرأة كل شيء من خلال المشربية
ولا يراها أحد.
** **
** والسؤال هل الحجاب الذي يفرض على المرأة
هو حرمان للمرأة أم حرمان للرجل..؟!!
الحقيقة هو حرمان للرجل حيث إن المرأة يمكنها
أن ترى الرجل من خلال خمارها أو حتى نقابها، وتشهد مجتمعات الرجال من خصاص
نافذتها، ويتم ذلك الأمر بعلم الرجال وليس خلسة، دون أن يراها الرجال من غير
المحارم، ولو حاول أحدهم التطفل على مجتمع الحريم، حوكم وعذب بالحبس أو الجلد.
وتسترسل:
(وقد فرض اليونانيون على نسائهم الاحتجاب
والنقاب منذ القرن الخامس قبل الميلاد وكانت نساء طيبة (اليونانية) يتنقبن فلا يرى
سوى العينين, وكان بعض الأزواج يضعون أختامهم على أبواب دورهم إذا غابوا)
(وقد اتسم المجتمع اليوناني القديم بتقليل
شأن المرأة وازدرائها والحض على تجنبها، وساد هذا الفكر في نظريات فلاسفة اليونان
القدماء وأقوالهما مثال أرسطو وأفلاطون وفيثاغورس وعن هؤلاء تنقل أغلب العبارات
التي تزدري المرأة وتتحدث عن نقائصها وتدعو إلى عدم الثقة بها والابتعاد عنها
وحبسها داخل دارها.. الخ، وقد انتقل هذا الموقف منهم إلى العلماء المسلمين).
** **
** أرأيت كم نحن في حاجة لأن ننتسب إلى الدين
الإسلامي، الدين الذي كرم المرأة وأعزها، فإما أن أقول أنا مسلمة وقد منحني ديني
حريتي وصانني عن العيون التي تنهش جسدي، وجعل لي الحق في اختيار شريك حياتي والحق
في خلعه، وقد فرض لي نصيبا من الميراث وجعل لي ذمة مالية مستقلة عنه، ومنحني الحق
في مزاولة التجارة واستئجار الرجال لها، وغيرها من الأشياء التي تعز المرأة وتصون
كرامتها فى ذات الوقت، وإما أن نترك لمنطق الرجل الذي يعتبر المرأة شيئا قليل
الشأن، يستحق أن يضع الأزواج أختامهم على أبواب دورهم إذا غابوا، أو أن يفرض عليها
الخمار بالصورة التي يراها هو من (قبل الميلاد) كما فعل الآشوريون، واقتبس الفرس
هذه العادة ثم اليونان، هذه المرة لن أقول هي الفطرة ولكن أقول خير لي أن يفرض ربي
علي أن أغطي رأسي وأتزيا بالحشمة والوقار فاتبعه على أن يفرض ذلك وأكثر عليّ رجال
أي زمن من الأزمنة، فأطيع صاغرة مغلوبة على أمري.
** فإذا كان هذا هو شأن الرجال مع النساء من
قبل الميلاد، فخير لي أن ألبس خماري طاعة لله لا قهرا من رجل!!
** أما عن جملة "وقد انتقل هذا الموقف
منهم إلى العلماء المسلمين" فغير صحيح، فالعلماء المسلمون ينقلون عن الإسلام
وعن أمر دينهم وربهم، ويكفي أنه إذا غالى أحدهم في تقييد حرية المرأة أو انتقاص
شأنها أو حق من حقوقها تبعا للنعرة الرجولية أن تقول له المرأة: إن الله لم يقل
بهذا الأمر فيتراجع على الفور:
"أصابت امرأة وأخطأ عمر"
** وكيف نتهم عبد الله بن المقفع (الفارسي)
بأنه أول من دعا إلى حجاب المرأة ونشره بين رجال عصره، وقد كان ذلك في العصر
العباسي، فإن كان دعا إلى الحجاب فقد دعا بدعوة الإسلام.
وتقول:
(وكانت النساء يغطين رؤوسهن بالخمار ليحمين
أنفسهن من تقلبات الجو في الصحراء؛ كالرياح والأتربة والأمطار وأشعة شمس الصيف
الحارقة، إلا أن هذا لم يمنعهن من الاختلاط بالرجال والمشاركة في الحياة العامة
وكن يشاركن في الحروب والمعارك وفي أوقات السلم كن يفدن إلى أسواق الأدب، مثل سوق
عكاظ، فيستمعن إلى الأشعار والخطب وينشدن أشعارهن ويتبادلن الحديث مع
الشعراء..الخ.
وقد استمر هذا الوضع بعد الإسلام، فعندما
ذهبت النساء إلى الرسول ليبايعنه لم يشترط عليهن حجابا ولا نقابا)
** **
** هل إذا لبست النساء الخمار ليحمين أنفسهن
من تقلبات الجو وشمس الصيف الحارقة فى الصحراء يكون هذا مباحا أما أن يلبسنه تلبية
لقول الله تعالى واتقاء لنار جهنم الحارقة، فخطأ!!
وقد
كان الرجال أيضا يلفون رؤوسهم من تقلبات الجو وما زالوا يلفونها..!!
** واعترفت الكاتبة أن هذا لم يمنعهن من
المشاركة في الحياة العامة في الحرب والمعارك وفي أسواق الأدب، فيستمعن إلى
الأشعار والخطب وينشدن أشعارهن، ويتبادلن الحديث مع الشعراء، إذن فالحجاب ليس
عائقا وليس حجابا على العقل بهذا المنطق.
** أما عندما ذهبت النساء إلى الرسول
ليبايعنه فلم يشترط عليهن حجابا ولا نقابا لأنهن بالفعل يلبسن الخمار والجلابيب،
وهل تجرؤ امرأة أن تذهب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) لتبايعه دون خمار بعد أن
نزل قوله تعالى:
"وليضربن بخمرهن على جيوبهن"
وتقول:
(وكانت النساء العربيات يزرن الرسول (صلى
الله عليه وسلم) ويستفتينه في شتى الأمور وكان يزورهن في بيوتهن فيستقبلنه ومن معه
ويكرمن وفادته، وكن يذهبن إلى المسجد للاستماع إلى خطبه وخطب الصحابة وللصلاة في
أوقاتها حتى صلاة الفجر، وكان صوتهن يرتفع فيلقين الأسئلة على الرسول الكريم
ويتلقين العلم ويجادلنه ويعترضن على ما يقوله الصحابة)
** **
** إذا فليس ثمة عيب لا في الإسلام ولا في
احتشام المرأة، فقد كن يزرن الرسول ويزورهن، ويشهدن الصلاة في المسجد حتى صلاة
الفجر، وكان صوتهن يرتفع يسألن ويجادلن.. أين هذا من حبس المرأة ووأدها ووضع
الأقفال عليها ووضع الأزواج أختامهم على أبواب دورهم إذا غابوا، أليس هذا تهذيبا
لعادات سيئة سابقة، هذه هي سماحة الإسلام الذي انصف المرأة وجعلها شقيقة الرجل
فصارت بالإسلام كيانا متكاملا لها نفس الحقوق والواجبات بل وزيادة.
ولم يمعنهن الرسول الكريم المبلغ لرسالة ربه
من المشاركة في الغزوات ليس بالتمريض فقط، ولكن بالقتال بالسيف ورمي القوس،
وبالمشورة وغيرها من الأمور، فخير لنا أن نتمسك بالإسلام والحرية التي منحها
للمرأة، من أن نترك للرجال الفرصة يضعون علينا أقفالهم.
وللعلم أئمة الفقه أربعة هم: الشافعي ومالك وأبو
حنيفة وابن حنبل، وممكن ابن حزم، وليس ابن المقفع ولا الجاحظ.
** **
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق