الجمعة، 9 نوفمبر 2012

الأمر بالمحافظة على الصلاة وصلاة الخوف


الأمر بالمحافظة على الصلاة وصلاة الخوف

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ(238)فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(239)

لنا أن نتساءل كيف فصل الله بين قضية واحدة هي قضية الفراق بين الزوجين وقسمها قسمين، وأدخل بينهما الحديث عن الصلاة، وذلك لينبهنا إلى وحدة التكاليف الإيمانية. وهذا أفضل طريق لتربية النفس الإِنسانية.
ونظرا لأن الحق يتكلم هنا عن أشياء كل مظاهرها إما شقاق اختياري بالطلاق، وإما افتراق قدري بالوفاة، فأراد الله سبحانه أن يدخل الإنسان في العملية التعبدية التي تصله بالله الذي شرع الطلاق والصلاة وقدر الوفاة.

ولماذا اختار الله الصلاة دون سائر العبادات لتقطع سياق الكلام عن تشريع الطلاق والفراق..؟
نقول لأن الصلاة هي التي تهب المؤمنين الاطمئنان ولن يربط على قلوبهم إلا أن يقوموا لربهم ليؤدوا الصلاة، وقد كان رسول الله (صلى) أول من يفعل ذلك، كان إذا ما حزبه أمر قام إلى الصلاة.
وما على المؤمن إلا أن يأخذ الأمور القدرية برضا ثم يذهب إلى الله قانتا وخاشعا ومصليا.

قوله تعالى: "حافظوا على الصلوات" المقصود الصلوات الخمس ، وهناك حفظ يقابل "النسيان"، و"حفظ" يقابله "التضييع"، فالحفظ معناه أن تضمن بقاء شيء كان عندك.
ويحتمل أيضاً معنى آخر هو أنكم قد ذقتم حلاوة الصلاة في القرب من معية ربكم، فالأولى أن تتمسكوا بها أكثر.

وقوله تعالى: "والصلاة الوسطى" ذكر للخاص بعد العام، فكأن الله أمر بالمحافظة على ذلك الخاص مرتين، مرة في دائرة العموم ومرة أخرى أفردها الله بالخصوص.

فائدة: "وسطى" هي تأنيث "أوسط"، والأوسط والوسطى هي الأمر بين شيئين على الاعتدال، أي أن الطرفين متساويان، ولا يكون الطرفان متساويين في العدد ـ وهي الصلوات الخمس ـ إلا إذا كانت الصلوات وتراً؛ أي مفردة؛ لأنها لو كان زوجية لما عرفنا الوسطى فيها، ومادام المقصود هو وسط الخمس، فهي الصلاة الثالثة التي يسبقها صلاتان ويعقبها صلاتان، فإن أول صلاة فرضها الله عز وجل هي صلاة الظهر، هذا أول فرض، وبعده العصر، فالمغرب، فالعشاء، فالفجر.
فإن أخذت الوسطى بالتشريع فهي صلاة المغرب وهذا رأي كثير من العلماء.
وإن أخذت الوسطى بحسب عدد ركعات الصلاة فستجد أن هناك صلاة قوامها ركعتان هي صلاة الفجر وصلاة من أربع ركعات وهي صلاة الظهر والعصر والعشاء، وصلاة من ثلاثة ركعات هي صلاة المغرب. والوسط فيها هي الصلاة الثلاثية، وهي وسط بين الزوجية والرباعية فتكون هي صلاة المغرب أيضا.
وإن أخذتها بالنسبة للنهار فالصبح أول النهار والظهر بعده ثم العصر والمغرب والعشاء، فالوسطى هي العصر.
وإن أخذتها على أنها الوسط بين الجهرية والسرية فيحتمل أن تكون هي صلاة الصبح أو صلاة المغرب؛
لأن الصلوات السرية هي الظهر والعصر، والجهرية هي المغرب والعشاء والفجر. وبين العشاء والظهر تأتي صلاة الصبح.
 أو صلاة المغرب باعتبار أنها تأتي بين الظهر والعصر من ناحية، والعشاء والصبح من ناحية أخرى.
وإن أخذتها لأن الملائكة تجتمع فيها فهي في طرفي النهار والليل فذلك يعني صلاة العصر أو صلاة الصبح.
 إذن، فالوسط يأتي من الاعتبار الذي تحسب به إن كان عدداً أو تشريعا، أو عدد ركعات، أو سرية أو جهرية أو بحسب نزول ملائكة النهار والليل، وكل اعتبار من هؤلاء له حكم.

وقد أخفى الله ذكرها لينتبه كل منا أن هناك فرقا بين الشيء لذاته، والشيء الذي يبهم في سواه؛ فيؤدي ذلك إلى المحافظة على جميع الصلوات.
ويريد الحق سبحانه أن نقوم لكل صلاة ونحن قانتون.
وأصل القنوت في اللغة هو المداومة على الشيء، ونحن نتلقى الأمر بإقامة الصلاة حتى في أثناء القتال، لذلك شرع لنا صلاة الخوف.

فالقتال هو المسألة التي تخرج الإنسان عن طريق أمنه، فيقول سبحانه: "فإن خفتم فرجالا أو ركبانا"
إننا حتى في أثناء القتال والخوف لا ننسى ذكر الله؛ لأننا أحوج ما نكون إلى الله أثناء مواجهتنا للعدو، ولذلك لا يصح أن نجعل السبب الذي يوجب أن نكون مع الله مبررا لأن ننسى الله.

وكذلك المريض، مادام مريضاً فهو مع معية الله، فلا يصح أن ينقطع عن الصلاة؛ لأنه لا عذر لتاركها.
حتى المريض إن لم يستطع أن يصلي واقفا صلى قاعداً، فإن لم يستطع قاعدا؛ فليصل مضطجعا، ويستمر معه الأمر حتى لو أضطر للصلاة برموش عينيه.
كذلك إن خفتم من عدوكم صلوا رجالا، يعني سائرين على أرجلكم أو ركبانا و"رجالا" جمع "راجل" أي يمشي على قدميه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق