المحمول
كل المخترعات
السابقة كوم وهذا المحمول وحده كوم.
أفلتت الجملة من بين
ضميره الذى يؤرقه.. ضرب فوق مكتبه بكلتا يديه ونهض عازما أمرا.
نظر إلى زملائه
وجدهم يتحدثون وهو محمول على كفوف الراحة.. طار صوابه، صارت هناك أحاديث مشتركة
بين زملاء العمل حول فوائده، وطرق استخدامه، ومميزات كل نظام عن غيره.. و..
كم يتشوق إلى أن
ينضم لهذا المجلس المحمولى.. يتحول الشوق إلى إلحاح.. ظروف عمله لا تبرر هذا
الشوق.. ولكن من أجل أن يكون له نصيب فى أحاديثهم.
تعجب كيف يكون لكل
زميل ذلك الهاتف المتنقل.. الكل يلوح به فى وجه الأخر، وهو وحده شبه المنبوذ بين
زملائه، أصبح يشعر بحجم الوحدة، يخاطب نفسه:
( فى كل يوم اختراع
جديد : كمبيوتر، انترنت، دش وريسيفر..
وللقنوات متخصصة فيها العجب.
الاختراعات السابقة
مكانها البيت، فلا أحد يعرف إذا كنت أقتنيها أم لا، أما هذا اللعين فهو ظاهر
للعيان.. ويثير حفيظتى ما أراه فى الشارع:
هذا يتكلم وهو يقود
سيارته، وذاك وهو يمشى على قدميه.. ثم
المرأة التى كانت تجلس فى موقف الاتوبيس وتتكلم مع ابنها، حين دخل الاتوبيس
المحطة، قامت مسرعة تركض خلفه وهى تقول:
يا حبيبى أنا فى
الطريق).
كان ينتقد كل هذه التصرفات ويقول فى نفسه:
( حتى الوقت الذى ينتقل فيه الانسان من عمله إلى بيته يمضيه فى الكلام.. ما
أغبى الانسان إنه يسعى وراء قلة راحته، كل الناس تعرف أين أنت وتنظر إليك فى أى
وقت)
وها هو يصيبه سهم المحمول فى مقتل.. انتحى بأحد زملائه وسأله:
-
بماذا ينفعك هذا التليفون.. قال:
- يطمئن علىّ أهلى فى أى وقت، وأحادث
فيه الذين أصحاب المحمول.. أم ترانى أقل منهم.
-
وهل تشجعنى على شرائه مثله..؟
- بكل تأكيد.. أعلم أن الناس اليوم لا
يردون على التليفون العادى.. تتصل بصديقك.. يرد عليك الأنسر ماشين يقول لك اتصل بى
على الموبايل.
-
إذن كوّن لى جمعية واجعلنى أقبضها فى البداية لكى أشترى عدة وخطا.
قال هذا وهو يتخيل راتبه الذى يكفى بالكاد وقد ضجر منه، يصرخ وشظاياه تتناثر
كورقة ممزقة ونفخ بها فى الفضاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق