منع الإكراه على المُعْتَقَد في الإسلام
لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ
فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)اللَّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ
الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ(257)
المناسبة :
لما ذكر تعالي تفضل بعض الأنبياء
علي بعض، ذكر أن هذا التفضيل لا يستدعي الصراع بين الأتباع فالرسل وإن كانوا
متفاوتين في الفضل إلا أنهم جميعا جاءوا بدعوه واحدة هي التوحيد وإنه لا إكراه في
الدين.
سبب النزول:
كان لرجل من الأنصار ابنان تنصرا
قبل بعثة النبي (صلي) ثم قدما المدينة في نفر من التجار يحملون الزيت، فلزمهما
أبوهما وقال لا أدعكما حتي تسلما فنزلت الآية فبين تعالي أنه لا يجبر أحدا بالكره
علي الإيمان لأن الحق واضح.
والإكراه هو أن تحمل الغير على
فعل لا يرى فيه خيراً حتى يفعله.
ولكن هناك أشياء قد نفعلها مع من
حولنا لصالحهم، كأن نرغم الأبناء على المذاكرة، والمريض
علي شرب الدواء.
إن الله سبحانه لم يكره خلقه ـ
وهو خالقهم ـ على دين، وكان من الممكن
أن الله يقهر الإنسان المختار، كما قهر السماوات والأرض والحيوان والنبات والجماد، ولا أحد يستطيع أن يعصى أمره.
إلا أن هنا لبساً. فهناك فرق بين القهر على
الدين، والقهر على مطلوب الدين، هذا هو ما يحدث فيه الخلاف.
تقول لمسلم: لماذا لا تصلي؟ يقول
لك: "لا إكراه في الدين"، ويدعي أنه مثقف،
ويأتيك بهذه الآية ليلجمك بها، فتقول له:
"لا إكراه في الدين"
عقدية وإيماناً، إنما إن آمنت وأعلنت
أنك آمنت بالله وصرت معنا مسلما فعليك مسئولية تنفيذ مطلوب الإيمان، وإلا حسب
تصرفك كسرا لحد من حدود الله، وعليك العقاب.
ولأنك مادمت قد علمت كعاقل رشيد مطلوب الإسلام، فعليك أن تنفذ مطلوب الإسلام، ولذلك
لم يكلف الله الإنسان قبل أن ينضج عقله
بالبلوغ.
والرشد: هو طريق النجاة،
و"الغي": هو طريق
الهلاك.
والغي ـ أيضا ـ هو ضلال الطريق، فعندما يسير إنسان في الصحراء ويضل الطريق يقال عنه:
"فلان قد غوى" أي فقد الاتجاه الصحيح في السير،
وقد يتعرض لمخاطر جمة كلقاء الوحوش وغير ذلك.
ومن بلاغة الآيات
(استمسك بالعروة الوثقي )استعارة
تمثيلية شبه المتمسك بدين الإسلام بالمتمسك بالحبل المحكم، وعدم الانفصام ترشيح
لهذه الاستعارة
فائدة: أفرد النور وجمع الظلمات، لأن الحق واحد لا يتعدد، وأما طرق الضلال
فكثيرة ومتشعبة،
جاء في تلخيص البيان وذلك من
أحسن التشبيهات، لأن الكفر كالظلمة التي يتسكع فيها الخابط ويضل القاصد ، والإيمان
كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدي به الحائر ، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم
والثواب، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم والعذاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق