خطبة المتوفَّى عنها زوجها
يقول الشيخ الشعراوي:
عرضتم" مأخوذة من التعريض.
والتعريض: هو أن تدل على شيء لا بما يؤديه نصا، ولكن عرض به تلميحا. فالله يريد أن
يجعل للعواطف تنفيسا من هذه الناحية. والتنفيس ليس مجرد تعبير عن العاطفة، ولكنه
رعاية للمصلحة. مع أدب الاحتياط .
وكأنه يقول لنا: لا مانع من
التلميح من بعيد.
وفائدة التلميح أنه يعبر عما في نفس قائله فتعرف رأيه فيها.
حتى إن جاءها غيره لا توافق عليه
مباشرة.
وهكذا نرى قبساً من رحمة الله سبحانه وتعالى بنا، بأن جعل العدة كمنطقة حرام تحمي
المرأة، وجعل التعريض فرصة للتعبير عن العاطفة التي
تؤسس مصلحة من بعد ذلك.
والحق سبحانه يقول: "ولا
جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء"
والخطبة مأخوذة من مادة "الخاء" و"الطاء" و"الباء"
وتدل على أمور تشترك في عدة معالم:
منها خطبة بضم الخاء.
ومنها خطب وهو الأمر العظيم.
ومنها المعنى الذي نحن بصدده وهو الخطبة بكسر الخاء.
وكل هذه المعالم تدل على أن هناك الأمر العظيم
الذي يعالج، فالخطب أمر عظيم يهز الكيان، وكذلك الخطبة
لا يلقيها الخطيب إلا في أمر ذي بال، فيعظ المجتمع بأمر
ضروري.
والخطبة كذلك أمر عظيم؛ لأنه أمر
فاصل بين حياتين: حياة الانطلاق، وحياة
التقيد بأسرة وبنظام.
وكلها معان مشتركة في أمر ذي
بال، وأمر خطير.
ويتابع الحق: "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله"
وعقدة النكاح تمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: وهي التعريض أو
التلميح.
والمرحلة الثانية: هي العزم الذي لا يصح إلا بعد انتهاء فترة العدة.
والمرحلة الثالثة: هي العقد.
والمقصود بهذه المراحل أن يأخذ
كل طرف فرصته للتفكير العميق في هذا الأمر
الجاد.
ويريد الحق من هذه المراحل أن
يعطي الفرصة في التراجع إن اكتشف أحد
الطرفين في الأخر أمرا لا يعجبه.
إن الحق يريد من المسلم ألا يقدم
على عقدة النكاح إلا بعد عزم. أي تصميم على أنك تريد
الزواج بحق الزواج بكل مسئولياته، وبكل
مهر الزواج، ومشروعيته، وإعفافه؛ فالزواج بدون أرضية العزم مصيره الفشل.
ولذلك فإن الزواج القائم على غير
روية، والمعلق على أسباب مؤقتة كقضاء الشهوة لا
يستمر ولا ينجح.
فالعلة في تحريم زواج المتعة أن المقدم عليه لا يريد به الاستمرار في الحياة
الزوجية.
لأن الزواج الأصيل هو الذي يدخل فيه بديمومة، وقد ينهيه بعد ساعة إن وجد أن الأمر يستحق ذلك، ولن
يعترض أحد على مثل هذا السلوك، فلماذا تقيد نفسك
بمدة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق