الفصل السابع
آراء مع الحجاب
وفي باب بعنوان آراء مع الحجاب، وهو فصل لا
يزيد على ست عشرة صفحة تقول في البداية:
(أهم غرض يدفع به المؤيدون للحجاب هو حماية المرأة
من الذئاب..)
ثم تستشهد بكتاب نشر منذ مائة عام عنوانه
"الحجاب نعمة وأمل لا نقمة وألم" عن مقال للأديب مصطفى لطفي المنفلوطي
ضمنها كتابه العبرات، ومع ملاحظة أن المنفلوطي أديب وينظر إلى القضية من منظور
اجتماعي والمرأة في عصره كانت بالفعل كما يراها هو ضعيفة وساذجة، إذن فقد عبر بصدق
عن مرحلته.
تقول:
(والمقال مكتوب على شكل صورة أدبية يسميها
كاتبها قصة، وقد دعاه إلى ذلك ما لاحظه في زمانه من أن الذئاب البشرية قد خرجت من
أوكارها وكشرت عن أنيابها، وبدأت دونما وعي أو ضمير تعبث بأعراض النسوة والفتيات)
خلاصة القصة (أن الأفضل والأكمل والأتقى
للمرأة في الأزمان كلها هو سدلها حجابها كما أمرها ربها - عز شأنه - لكيلا تدع
بديع صنع الله سبحانه نهبة لعيون أشباه الحيوانات، وعرضة لأنياب أمثال الوحوش..
وتنتهي حياة الشاب الذي أراد أن يحرر المرأة نهاية مأساوية، ويصف لنا المنفلوطي
عذابه الشديد، ولكنه يحمد الله أن نجت الأمة بهلاكه)
ثم تقول متحدية المنفلوطي:
(فبعد سنوات قليلة من كتابته هذا المقال خرجت
الفتيات المصريات إلى المدارس والجامعات وأصبحت المرأة المصرية اليوم تتبوأ
المناصب وتخالط الرجال بل وتترأسهم كوزيرة وسفيرة، وأستاذة جامعية وعميدة ورئيسة
تحرير.. الخ)
ثم تنطلق متشفية فى الرجل:
(وهل يتحتم علينا لكي نبرر عادة قديمة أن
نهين كل آبائنا وأعمامنا وأخوالنا وأبنائنا.. ونؤكد على أنهم جميعا سينقضون على أي
امرأة يرونها في أي مكان فيهتكون عرضها ويغتصبونها.. هل من أجل حفنة من المستهترين
الفاسدين نلزم كل امرأة بأن تحتجب تماما عن عيون الغرباء.. لقد أصدر أجدادنا الحكم
على جداتنا بأن يلزمن عقر دورهن، وحرموهن من التعليم ومن العمل ومن المشاركة في
الحياة العامة.. عكس ما كان يحدث أيام الرسول (صلى الله عليه وسلم))
** **
** واعترف أن الذي حيرني في الكتاب كله واخذ
مني الجهد والوقت هما أسهل فصلين به:
"آراء مع الحجاب، وآراء ضد الحجاب"
ففي هذا الفصل وهذا السرد الطويل الذي لا
أدري أتحقق هي لرواية المنفلوطي على غرار الباحثين والباحثات لتدلل على مراحل عفى
عليها الزمن، أم هي تسرد آراء الناس المؤيدين لتغطية الرأس كما يبدو من عنوان
الفصل؟
هل هي تقارن بين أيام الرسول (صلى الله عليه
وسلم) وما حدث في الماضي وهو عكس ما نحن عليه اليوم.. أم ما هي القضية بالضبط..؟!
هل القضية هي خروج المرأة وبروزها للرجال
ومخالطتهم، وقد خرجت المرأة بالفعل وصارت تتبوأ كل المناصب وتخالط الرجال بل
وتترأسهم - كما قالت - أم القضية أن تكشف شعرها؟
الحقيقة الأمور "مختلطة"، وكلمة من
هنا وكلمة من هناك والنتيجة ضياع ملامح الموضوع في هذا الفصل.. فهي تقول الكلام
وتقول عكسه ولولا أنه نوقش بوضوح في الفصول السابقة لمتُ كمدا من هذا التشتت.
** ثم تستشهد بجماعة طالبان التي سيطرت على
أفغانستان تسع سنوات، وماذا كانت النتيجة!! ثم تستشهد بكتاب "الحجاب والسفور
في الكتاب والسنة" الذي أصدره الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز مفتي المملكة
العربية السعودية مع ثلاثة شيوخ آخرين، وهي تستشهد بهذا الكتاب من خلال تعليق
الدكتور محمد أبو الإسعاد!!
وتأتي برأي الأستاذ عبد الحليم أبو شقة،
فتقول إنه يحبذ الحجاب ويرفض النقاب وينصح بالحجاب ليس لأن هناك نصا قرآنيا أو
نبويا قطعي الدلالة والثبوت على وجوبه، ولكن اتقاء للشهوات ودرءا للشبهات، وتقول
عنه:
(وفي تفسيره (للآية 60 من سورة النور) يلفت
النظر إلى أنه لا دليل فيها على جواز ستر القواعد من النساء لوجوههن فقط
"فهذا إنما يصح لو كان النقاب واجبا على عامة النساء وهو ليس واجبا كما بينا
من قبل"
ويرى أنها تعني لا حرج على المسنة في أن تخرج
للشارع دون خمار وأن تلتقي بالرجال إذا دخلوا عليها بيتها دون خمار)
** **
**هذا بالنسبة له لأنه "يحبذ الحجاب
ويرفض النقاب" وعلى ذلك فلا حرج على المسنة في أن تخرج للشارع دون خمار، أما
بالنسبة لمن لا تحبذ تغطية الشعر أصلا فماذا عساها أن تضع إذا أسنت من ثيابها..؟!!
** ثم إن رأي الأستاذ عبد الحليم أبو شقة
نفسه متناقض إن كان ما سردته الكاتبة عنه صحيحا حيث أنه بحسب كلامها والعهدة على
الراوي ينصح بالحجاب ليس لأن هناك نصا قرآنيا أو نبويا قطعي الدلالة والثبوت على
وجوبه، ولكن اتقاء للشهوات ودرءا للشبهات فكيف يكون لا حرج على المسنة في أن تخرج
للشارع دون خمار، والخمار نفسه ليس هناك نص قرآني أو نبوي قطعي الدلالة والثبوت
على وجوبه..!!
وماذا يريد نصا قرآنيا أكثر من قوله تعالى:
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ}
و {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ..!!}
هكذا بصيغتى الأمر.
أما عن عبارة اتقاء للشهوات ودرءا للشبهات
نقول إذن فهناك شهوات وشبهات.
** وتتدرج الكاتبة مع الأستاذ عبد الحليم أبو
شقة حتى توجه له سؤالها الأزلي: فتقول:
(ولم يحاول أن يسأل نفسه هذا السؤال البديهي،
واليوم إذا لم يعد هناك إماء وحرائر وعادت كل النساء كما أراد لهن الخالق عز وجل
كما قال رسوله سواسية كأسنان المشط.. فلماذا تميز المسلمة عن بقية نساء العالم بزي
فرضه الآشوريون والفرس على نسائهم قبل نزول رسالة الإسلام بمئات السنين، ولم يعد
ثمة تمييز بين العربي والأعجمي إلا بالتقوى؟! ألسنا بذلك ندعم ما يشيعه أعداء
المسلمين من اتهامات باطلة عديدة)
** **
** وما دامت الكاتبة لم تمل من السؤال فلن
نمل من الإجابة، ونكرر ما سبق قوله، فمادام لم يعد هناك إماء وحرائر وعادت كل
النساء سواسية كأسنان المشط فهل تخيرت لنا زي الإماء؟!
أما عن زي فرضه الآشوريون والفرس على نسائهم
قبل نزول رسالة الإسلام بمئات السنين فالإسلام يجب ما قبله وقد هذب الإسلام
فرضيتهم بضرب الخمار وجعله يغطى الصدر.
فما
دام هناك نص صريح، فهو ملزم لنساء المؤمنين جميعا إماء وحرائر، وما عليهن جميعا
إلا الالتزام بالنص.
** ولا نعرف هل هذا الفصل آراء مع الحجاب أم
ضده حيث أن الكاتبة تستشهد فيه برأي أعداء المسلمين ومنهم..
د. سيمون جراي طبيب أمريكي عمل في مدينة
الرياض بالسعودية من 1976 – 1978م، ألف كتابا بعنوان:
"أسرار وراء الحجاب" عن تجربته وسط
المسلمين يقول فيه:
(الجنس حاجة بيولوجية حيوية يحتاجها الكائن
الحي للإحساس باللذة الحسية واستمرار النوع، والجنس في ذات الوقت هو حاجة
سيكولوجية نفسية لاستكمال شخصيته الإنسانية بالتواصل الوجداني، ويتهم المجتمع
السعودي بأنه يعاني من حالة جنون جنسي نتيجة لإخفاء النساء عن الرجال مما جعل من
المرأة تجسيدا لمفهوم الجنس في عين الرجل، وصار إذا رآها لا يخطر بباله شيء سوى
الجنس)
** وأقول للكاتبة التي بهرها هذا القول
وصدقته أن ترد على هذا الطبيب الأمريكي وتقول له:
وماذا عن المرأة التي لم تحتجب عن الرجال في
أمريكا وأوروبا وفي الغرب كله، هل كف تفكير الرجال في الجنس، ولم يمارسوه في
الشوارع والحدائق العامة، والبنت في سن الثالثة عشرة في المرحلة الإعدادية تذهب
إلى المدرسة وهي حامل، والمجتمع متقبل لطفلها يضعه في ملجأ مجهولي النسب، وحتى أنه
تقام أعراس لاثنين يجلس أبناؤهما بجوارهما في الكوشة.
ومن كثرة الممارسات الجنسية بين الجنسين
ملوها وظهرت الممارسات المثلية والمطالبة بحقوق الشواذ، وكم من أمراض تفشت في هذه
المجتمعات بسبب الممارسات الجنسية حتى أنهم عادوا يطالبون بتقنينها عندهم وجعلها
فى حدود الزواج، ولكنهم يشجعون على نشرها عندنا على أيدي المبهورين بالغرب..؟!!
وتعلق الكاتبة على قول شيخ الأزهر عندما كان
مفتيا الدكتور محمد سيد طنطاوي حيث قال:
(إن تخصيص الحجاب في الآية 53 من سورة
الأحزاب) بزوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) وحدهن ليس صحيحا لأن حكم نساء
المؤمنين في ذلك كحكم أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) لأن المسالة تتعلق بحكم
شرعي يدعو إلى مكارم الأخلاق)
فتقول:
(إن المفتى يقرر بفتواه هذه قول
الحنابلة "المرأة كلها عورة حتى
ظفرها" وهذا يعني العودة إلى الوراء ألف سنة إلى ما سبق وأن قاله المفسرون
وفرضوه على المسلمات قرونا عديدة.. ورأي فضيلة المفتي يفرض أن كل نساء المسلمات قد
تزوجن من أنبياء أو رسل.. وإنا لا نجد في آيات القرآن الكريم ما يدعو المسلمات إلى
اتخاذ نساء النبي قدوة)
** **
** الكاتبة تستنكر على المفتى أن يقرر بفتواه
قول الحنابلة، وتصر على رأيها، ونقول لمن
ترفض أن تقتدي بنساء النبي.. قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
"من تشبه بقوم فهو منهم"
(رواه أبو داود وصححه الألباني)
ولمن لم تجد في آيات القرآن الكريم ما يدعو
المسلمات إلى اتخاذ نساء النبي قدوة فهذا قوله تعالى:
َ{ يأَيُّهَا
النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ}
** هذا عما جاء في هذا الفصل "آراء مع
الحجاب" وكان المفروض أن تسترشد فيه الكاتبة بآراء حديثة من المحجبات
والعلماء الذين يؤيدون تغطية الرأس لكي يدلوا بدلوهم فيه بالأدلة مع مراعاة ظروف
العصر، وهذا لمن يتصدى لقضية ما في موضوعية فيكون فصلا نابضا، وهذا ما سأفعله:
فعميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية -
جامعة الأزهر- الدكتورة سعاد صالح تقول:
يقول الله سبحانه في كتابه الكريم:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ }
والحجاب بمعنى لباس
المرأة المسلمة زي يستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وهو فريضة إسلامية مؤكدة
في بداية سورة النور بقوله تعالى:
{سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا
وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
" وفي نهاية آيات الحجاب ختمها سبحانه
بقوله:
"وتوبوا إلى الله جميعا أيها
المؤمنون"
وهي إشارة واضحة إلى نسخ ما كان عليه العمل
في الجاهلية من أن الزي الذي كانت تلبسه المرأة لا يتناسب مع تكريم الإسلام للمرأة
والمحافظة فيه على عفافها وجمالها بدليل قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ}
حيث
أن المرأة كانت تلبس الخمار وتسدله إلى الخلف وتظهر صدرها وهو من الزينة الباطنة،
فالزينة الظاهرة وهي الواردة في قوله تعالى:
{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا}
وهي كما بينتها السيدة عائشة وعبد الله بن
عباس:
"الوجه والكفان" وما عدا ذلك فهو
زينة باطنة يجب إخفاؤها وسترها، فضلا عن أن الله سبحانه حينما تحدث عن اللباس
وقرنه بالتقوى: "ولباس التقوى ذلك
خير".
وهو نوع من التمييز للمسلمة عن غيرها وهو
تمييز يقوم على الطاعة والامتثال لأمر الله، ولا يقوم على المكانة الاجتماعية أو
الغنى أو الجاه، كما أنه لا يعوق المرأة عن تقدمها فكم من مئات المتفوقات
والناجحات في عملهن لأنهن قد صدق فيهن قول الله تعالى:
{تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ} (النساء:13)
** **
أما أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية
بجامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير فتقول:
"قضية الخصومة والحوار الساخن في مسألة
الحجاب لا أجد لها تفسيرا وأقول في كلمة مختصرة هذا أمر إلهي من استمع إليه هنيئا
له، ومن لا يرد ويبحث عن تأويلات لأقوال وآراء واهية أحيانا وخروجا على قواعد التأويل
ثم يلتقط هذا الحصاد لأنه يجد هوى في النفس، أو توظيفا لما يريد فهذا خطأ.
وأود أن أبين أمرا ضروريا بأن ليس كل من لا
تلبس الحجاب فهي في المنظور المقابل أقل تقوى أو أقل طاعة لله فهذا مرده إلى صاحب
الأمر يحاسب عباده بميزانه الحق، وفي الوقت نفسه أقول لمن تلتزم بالحجاب هنيئا لها
ولكن عليها أن تعرف أن الحجاب لا يقف عند المظهر بل الحجاب مخبرا ومظهرا، ومن
استجابت لنداء ربها في هذه الخصوصية عليها أن تجمله بجمال المخبر وانضباطه حتى
تستحق أن تأخذ لقب أنها سمعت نداء ربها فأطاعته.
وليس معنى الحجاب انغلاق في العقل كما يشاع،
أو خصومة في المعاملة مع من حولي في المجتمع فهذا هراء.
وإني أجد الآن المئات ممن أصبحن صورة مشرفة
لجمال المرأة الملتزمة بأصول دينها وبحقيقة شرعها وبانتمائها لمجتمع تملؤه
بالأعمال الناجحة في شتى ميادين العلم على أعلى مستوى في مؤسسات الدولة سواء بداخل
الأوطان أو في خارجها.
** **
الدكتورة ثريا العسيلي باحثة إسلامية وناقدة
أدبية، وأستاذة جامعية متفرغة تقول:
(لا يخفى على أحد أن القرآن ذكر بوضوح أهمية
الحجاب للمرأة المسلمة ولست في حاجة إلى أن أدلل على ذلك لكنني باختصار شديد أقول:
كل ما يأمر به القرآن الكريم وكل ما ينهى عنه أيضا هذا الكتاب العظيم كتاب الله هو
في صالح البشر في كل مكان وفي كل زمان، لا يختص به أناسا معينين، ولا يختص به قوما
معينين أو زمن معين، وإنما هو صالح لكل زمان ولكل مكان، والحقائق التي نشهدها في
عالمنا المعاصر في كل يوم تؤكد صحة وروعة الأحكام الإلهية.
ذلك لأن البشر كلما اهتدوا إلى السبيل القويم
في الحياة مظهرا وسلوكا نعموا بالحياة الهادئة المستقرة الآمنة، وكلما انتشر
الفساد وسوء الخلق والعري والابتذال، والبعد عن تطبيق الشريعة الإسلامية كلما كثرت
الجرائم وذهب الاستقرار.
وعلى ذكر أهمية احتشام المرأة وتغطيتها
لجسمها وشعرها وظهورها في المظهر المحترم المحتشم أجد الأديان كافة وليس الإسلام
فقط تؤكد على أهمية هذا الاحتشام ولدينا الدليل على ذلك في مظهر الراهبات في
الأديرة حيث يغطين رؤوسهن وأجسادهن كلها في مظهر جميل محترم.
والحقيقة أن المرأة تكون في غاية الإحساس
بحريتها في الحركة وفي العمل وفي أي مكان حين لا يكون جسدها مباحا لكل متأمل لها
وكأنها بضاعة أو سلعة.
وخلق الحياء والاعتزاز بشخصيتها وكل المعاني
النبيلة والجميلة التي تشعر بها المرأة المحتشمة لا يمكن أن تشعر بها غيرها من
المبتذلات، وأعتقد أن من لا يفطن لهذه الحقيقة يكون مغترا بأفكار من ينأون بأنفسهم
عن الفكر الديني وتغرهم مظاهر ساذجة تأتي من الغرب ومن فئات لا تهتم بالقيم عموما.
** **
أما الدكتور حسام عقل أستاذ النقد الحديث
بكلية التربية جامعة عين شمس فقد توجهت إليه بسؤال بدهي يراودني كثيرا وهو:
لماذا الرجل في كل بلاد الدنيا يلبس فوق رأسه
العمامة والطاقية، الغترة والعقال، ولم نجد الاعتراضات التي نجدها على حجاب
المرأة، ولم نر أحدا ينادي بخلع غطاء رأس الرجل العربي.. بل نجد أن بلاد العالم
تصنع له هذا الغطاء وتبيعه إياه..!!
فيقول: الدعوات التي تنادي المرأة بخلع
الحجاب أو ما تغطي به رأسها إنما تنادي بذلك لأنه مظهر من مظاهر الدين الإسلامي،
وأبدا لم تدعو الرجل العربي بخلع غترته أو شماغه لأن هذا ليس من الدين إذا هي حرب
على الدين.
(غطاء الرأس عند الرجل) إنما هو عادة من
عاداتهم وتقاليد بلادهم فلم ينادونه بخلعه، ثم إنهم لا يخافون من احتشام الرجال أو
التزامهم بدينهم، لأن الطريق لإفساد الرجل ليس إلا المرأة فعليهم بإفساد المرأة
وتجريدها من احتشامها ليخر الرجل ساجدا أمام شهواته ونزواته الشيطانية، وبذا تتحقق
غايتهم الكبرى في تدمير عقول الشباب، وإماتة قلوبهم، ليُشْربُوا في قلوبهم حب
الشهوات والنساء، ليكن في النهاية مجتمع الإسلام مجتمعا بلا هوية، فلا هو مسلم ولا
هو كافر، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
** **
** أما عن رأيي المتواضع والذي اقتنعت به
كامرأة تلبس الحجاب أقصد الخمار وتخرج للعمل فهو:
الملاحظ أن الله عز وجل لا يخاطب بالحجاب إلا
كل مؤمنة تؤمن بالله واليوم الآخر
قال تعالى: "ونساء المؤمنين"
وقال تعالى: "وقل للمؤمنات"
وبالتالي فإن الاستجابة لأمر الله لا تكون
إلا من المؤمنة الصادقة التي دخل الإيمان قلبها، والتي فهمت أن الله فرض على
المؤمنة الحجاب لأنها جوهرة فنجده سبحانه وتعالى يصف الحور العين في الجنة بقوله
تعالى: "حور
مقصورات في الخيام"
وقال صلى الله عليه وسلم عن نساء الجنة:
"ونصيفها على رأسها خير من الدنيا وما
فيها"
(رواه الترمذي بسند صحيح)
** والحقيقة أن التبرج علامة على فساد الفطرة
ففطرة الإنسان تميل إلى التستر، والدليل على ذلك أن التي تلبس القصير تقليدا
للموضة المستوردة إذا جلست تظل تشد في ذيل تنورتها لتغطي أفخاذها، والتي تظهر
مساحة عارية من صدرها إذا انحنت أو إذا لاحظت نظرات تخترقها تضع يدها على هذه
المنطقة.
أما التعري والتكشف فهو فطرة حيوانية لا يميل
إليها أصحاب الفطر السليمة.
تقول الكاتبة:
** قال أحدهم موضحا عداءه وكيده للإسلام:
(كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية
ما لا تفعله المدافع والصواريخ)
** وكلامه صحيح لأن المسلم إذا اتبع هواه
واتبع الكأس والغانية خذله الله وهزمه، وإنما ننصر بتأييد الله سبحانه وتعالى لا
بقوتنا ومدافعنا.
قال (صلى الله عليه وسلم): "كل أمتي
يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا يا رسول الله من يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة
ومن عصاني فقد أبى"
** **
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق