اختبار الله لإبراهيم عليه السلام وفضائل مكة
وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ
رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي
جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي
قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ(124)وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ
وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(125)وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ
مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ
فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(126).
المناسبة:
بعد أن عدّد الله تعالى في الآيات السابقة نعمه على بني إِسرائيل، وبيّن كيف كانوا يقابلون النعم
بالكفر والعناد، ويأتون منكرات في
الأقوال والأعمال، وصل حديثهم بقصة إبراهيم أبي الأنبياء الذي
يدّعي اليهود والنصارى انتماءهم إِليه ويقرون بفضله، ولو كانوا صادقين لوجب عليهم اتباع هذا النبي الكريم "محمد" صلى الله عليه وسلم
ودخولهم في دينه القويم لأنه أثر دعوة إِبراهيم الخليل
حين دعا لأهل الحرم، ثم هو من ولد إسماعيل عليه السلام
فكان أولى بالاتباع والتمسك بشريعته الحنيفية السمحة التي هي متمِّمة شريعة الخليل عليه السلام.
سبب
نزول الآية (125)
البخاري عن عمر رضي الله عنه:
وافقت ربي في ثلاث قلت: يا رسول الله، لو أخذت من مقام إبراهيم مصلى.
فنزلت: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ
إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى.
وقلت: يا رسول الله إن نساءك
يدخل عليهن البَرّ والفاجر، فلو أمرتهن
أن يحتجبن.
فنزلت آية الحجاب،
واجتمع على رسول الله صلى الله
عليه وسلم نساؤه في الغيرة، فقلت لهن:
(عَسَى ربُّه إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَه أزواجاً خَيْراً منكن)
البلاغة:
(أبتلي إبراهيم ربه) تشريف له عليه السلام،
وإيذان بأن ذلك الابتلاء تربية له، وترشيح لأمر خطير، حيث كلفه بأوامر ونواهي يظهر
بها استحقاقه للإمامة العظمي.
(وطهر بيتي) إضافة البيت إلي ضمير
الجلالة للتشريف والتعظيم.
(ءامنا) إيقاع المصدر موقع اسم
الفاعل للمبالغة، والاسناد مجازي أي آمنا من دخله.
فائدة: تقديم المفعول في قوله: (أبتلي إبراهيم ربه) واجب لاتصال الفاعل
بضمير يعود علي المفعول
الآية (125) جمعت أصناف العابدين في البيت
الحرام:
الطائفين، والمعتكفين،
والمصلين.
ثم أخبر تعالى عن دعوة الخليل إِبراهيم إذ خص
بالدعاء (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) قال تعالى جواباً له:
من كفر أيضاً أرزقه كما أرزق
المؤمن، أأخلق خلقاً ثم لا أرزقهم؟
أما الكافر فأمتعه في
الدنيا متاعاً قليلاً وذلك مدة حياته فيها.
وفي الآخرة أسوقه إِلى عذاب
النار فلا يجد عنها محيصاً وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.
قاس الخليل الرزق على الإِمامة فنبهه تعالى على أن الرزق رحمة دنيوية شاملة
للبرّ والفاجر بخلاف الإِمامة فإِنها خاصة
بالخواص من المؤمنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق