الجمعة، 9 نوفمبر 2012

إبطال دعوى أهل الكتاب أن الهداية باتباع اليهودية أو النصرانية


إبطال دعوى أهل الكتاب أن الهداية باتباع اليهودية أو النصرانية

وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةََ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(135)قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(136)فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137(

المنَاسَبَة:
لما ذكر تعالى أن ملة إبراهيم هي ملة الحنيفية السمحة، وأن من لم يؤمن بها ورغب عنها فقد بلغ الذروة العليا في الجهالة والسفاهة، ذكر تعالى ما عليه أهل الكتاب من الدعاوى الباطلة من زعمهم أن الهداية في اتباع اليهودية والنصرانية، وبيّن أن تلك الدعوى لم تكن عن دليل أو شبهة بل هي مجرد جحود للإسلام وعناد، ثم عقب ذلك بأن الدين الحق هو في التمسك بالإِسلام، دين جميع الأنبياء والمرسلين.

عندما تأتي ـ قالوا ـ فمعناها إن الذين قالوا جماعة .. الذين قالوا هم اليهود والنصارى ولكن كلا منهم قال قولا مختلفا عن الآخر .. قالت اليهود كونوا هودا. وقالت النصارى كونوا نصارى .. ونحن عندنا عناصر ثلاثة: اليهود والنصارى والمشركون. ويقابل كل هؤلاء المؤمنون .. "وقالوا كونوا" من المقصود بالخطاب؟ المؤمنين .. أو قد يكون المعنى وقالت اليهود للمؤمنين والمشركين والمؤمنين كونوا نصارى .. لأن كل واحد منهما لا يرى الخير إلا في نفسه .. ولكن الإسلام جاء وأخذ من اليهودية موسى وتوراته الصحيحة. وأخذ من المسيحية عيسى وإنجيله الصحيح .. وكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. ومعنى ذلك أن الإسلام أخذ وحدة الصفقة الإيمانية المعقودة بين الله سبحانه وبين كل مؤمن

(قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) لا يمكن أن يعطف عليه ما يصطدم معه. ولذلك فإن ما أنزل على إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط هو ملة إبراهيم .. وهذا يؤكد لنا أن ملة إبراهيم من وحي الله إليه .
والرسالات كلها كما قلنا تدعو لعبادة الله الواحد الأحد الذي لا شريك له.

(ونحن له مسلمون) .. أي أن إبراهيم كان مسلما وكل الأنبياء كانوا مسلمين وكل ما يخالف ذلك من صنع البشر ..
ومعنى الإسلام أن هناك مسلما ومسلما إليه هو الله عز وجل. ونحن نسلم له في العبودية ـ سبحانه ـ وفي اتباع منهجه .. والإنسان لا يسلم وجهه إلا لمن هو أقدر منه وأعلم منه وأقوى منه ولمن لا هوى له ..
فإن تشككت في أحد العناصر فإسلامك ليس حقيقة وإنما تخيل وأنت لا تسلم زمامك لله سبحانه وتعالى إلا وأنت متأكد أن قدراته سبحانه فوق قدرات المخلوقين جميعا، وأنه سبحانه غني عن العالمين، ولذلك فإنه غير محتاج إلي ما في يدك بل هو يعطيك جل جلاله من الخير والنعم ولا يوجد إلا الوجود الأعلى لتسلم وجهك له.

البلاغة:

(كونوا هودا أو نصاري) فيه إيجاز بالحذف أي قال اليهود كونوا يهودا، وقال النصاري كونوا نصاري، وليس المعني أن الفريقين قالوا ذلك لأن كل فريق يعد دين الآخلر باطلا.

(فسيكفيكهم الله) فيه إيجاز ظاهر أي يكفيك الله شرهم، وتصدير الفعل بالسين دون سوف مشعر أن ظهوره واقع في زمن قريب.

(السميع العليم) من صيغ المبالغة، ومعناه الذي أحاط سمعه وعلمه بجميع الأشياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق