حكم الوصية قبل الموت
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(180)فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا
إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ
اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(181)فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ
جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا
إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ(182).
يقول فضيلة الشعراوي:
إن العبد يحب الرب بالإيمان، والرب يحب العبد بالتكليف، والتكليف مرتبة أعلى من إيمان العبد. والحق يورد هنا أمراً يخص الوصية ، وهنا نجد شرطين:
الشرط الأول: يبدأ بـ"إذا" وهي للأمر
المتحقق وهو حدوث الفعل. والموت أمر حتمي بالنسبة
لكل عبد، لذلك جاء الحق بهذا الأمر بشرط هو "إذا"، فهي أداة لشرط وظرف لحدث. والموت
هو أمر محقق إلا أن أحداً لا يعرف ميعاده.
والشرط الثاني
يبدأ بـ"إن" وهي أداة شرط نقولها في الأمر الذي يحتمل الشك؛ فقد يترك الإنسان بعد الموت ثروة وقد لا يترك شيئا، ولذلك فإن الحق يأمر العبد
بالوصية خيراً له لماذا؟ لأن الحق يريد أن يشرع
للاستطراق الجماعي.
فبعد أن يوصي الحق عباده بأن يضربوا في الحياة ضرباً يوسع رزقهم ليتسع لهم، ويفيض عن حاجتهم، فهذا
الفائض هو الخير، والخير في هذا المجال
يختلف من إنسان لآخر ومن زمن لآخر.
ولآن الإله الحق يريد بالناس الخير لم يحدد قدر الخير أو قيمته، وعندما يحضر الموت الإنسان الذي عنده فائض من الخير لابد أن يوصي من هذا الخير. ولنا أن نلحظ أن رسول الله( صلى) قد نهى عن انتظار لحظة الموت ليقول الإنسان وصيته، أو ليبلغ أسرته بالديون التي عليه، لأن الإنسان لحظة الموت قد لا يفكر في مثل هذه الأمور. ولذلك فعلينا أن نفهم أن الحق ينبهنا إلى أن يكتب الإنسان ما له وما عليه في أثناء حياته.
فيقول ويكتب وصيته التي تنفذ من بعد حياته. يقول المؤمن: إذا حضرني الموت فلوالدي كذا وللأقربين كذا.
وقد جاء هذا الحكم قبل تشريع الميراث كانوا يعطون كل ما يملكون لأولادهم، فأراد الله أن يخرجهم من إعطاء أولادهم كل شيء وحرمان الوالدين والأقربين.
وقد حدد الله من بعد ذلك نصيب الوالدين في الميراث، أما الأقربون فقد ترك الحق عباده
تقرير أمرهم في الوصية. وقد يكون الوالدان من
الكفار، لذلك لا يرثان من الابن. ولكن
هناك الأمر بمصاحبتهما في الحياة بالمعروف لذلك فالإنسان المؤمن يستطيع أن يوصي
بشيء من الخير في وصيته للأبوين حتى ولو كانا
من الكافرين.
ونحن نعرف أن حدود الوصية هي ثلث ما يملكه الإنسان والباقي للميراث الشرعي. أما إذا كانا من المؤمنين
فنحن نتبع الحديث النبوي الكريم: "لا وصية
لوارث".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق